جمعة اللامي.. تحولات المجتمع العراقي من بوّابة القصة القصيرة

19 ابريل 2025
جمعة اللامي (1947 - 2025/ من حساب الكاتب على فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- جمعة اللامي، قاص وروائي عراقي، تميز بأسلوبه الفريد في القصة، حيث لفت انتباه النقاد منذ بداياته، وأشار الناقد عصام محفوظ إلى تميزه في جريدة "النهار" عام 1970.
- أعماله مثل "اليشن" و"الثلاثيات" تناولت مواضيع الهوية والمنفى والسلطة، مستخدمةً مزيجاً من الواقعي والأسطوري، وجُمعت في كتاب واحد عام 2004، لتصبح مرجعاً في أدب القصة العراقية الحديثة.
- استمر تأثير القصة في أعماله المتأخرة مثل "اليشنيون" و"الثلاثيات السبع"، وكتب الرواية منذ التسعينيات، مع بقاء شخصية "حكمة الشامي" حاضرة.

"جمعة اللّامي الأولُ ليس بين كُتّاب القصة العرب، بل بين كُتّاب القصة في كلّ مكان كُتبت فيه القصة بهذا الأسلوب". هكذا كتب الناقد اللبناني عصام محفوظ في جريدة "النهار" عام 1970، مُعلّقاً على مجموعة قصصية بعنوان "من قتل حكمة الشامي" للقاصّ والروائي العراقي جمعة اللامي، الذي رحل عن 78 عاماً أول أمس الخميس في الشارقة، حيث يستقرّ منذ عام 1980. المجموعة التي كانت الكتاب المطبوع الأول لصاحبها، لم ترتبط به وبتجربة اعتقاله (1963-1968)، في "سجن الحلّة" فحسب، بل حملت، بفرادتها الشكلية، روح جيل جديد آنذاك، قبل أن تُعيد "دار التكوين" إصدارها في طبعة جديدة عام 2016، تضمّنت أيضاً نصوصاً أصلية كانت قد منعتها الرقابة في الطبعة الأولى.

شكّلت القصة في إنتاج جمعة اللامي متناً أوّلياً، منها انطلق وفيها شحن كلّ مخيّلته الأدبية، وسوى المجموعة الأولى، يبرز عنوانان آخران: "اليشن" (1978)، وهي مجموعة قصصية تتناول سيرة مدينة خيالية اخترعها الكاتب، تعكس رؤيته الشخصية وتجاربه الذاتية، وفي بعض الحوارات، أشار اللامي إلى أن "اليشن" مدينة منسية على حافة التاريخ والجغرافيا والذاكرة، أراد من خلالها أن يقول أشياء عن العراق والإنسان والسلطة والخيبة، دون أن يتورّط في أسماء مباشرة أو واقعية. و"الثلاثيات" (1979)، مجموعة قصص قصيرة تتميز بتعدد الأصوات وتتناول مواضيع متنوعة بأسلوب سردي مميز. 

انشغل بأسئلة الهوية والمنفى والسلطة مازجاً الواقعي والأسطوري

مثّلت هذه المجموعات الثلاث مشروعاً متكاملاً، تراوحت فيه القصص بين الواقعي والأسطوري، وانشغلت بأسئلة الهوية والمنفى والسلطة. وجُمعت هذه الأعمال في كتاب واحد صدر عام 2004 عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر"، ليشكّل مرجعاً أساسياً في أدب القصة العراقية الحديثة.

عودة اللامي إلى القصة سنجد أصداءها تتردّد في أعماله المتأخّرة - بعد رحلة مع الرواية وكذلك الدراسات والمقالات النقدية - لا على هيئة طبعات جديدة فقط، بل كامتداد أو فكرة ماثلة، وهذا ما صنعه مع كتابه "اليشنيون" (2015)، الذي أشار في مقدّمته إلى كونه "تفاعلاً أقصى مع مرحلة التأسيس في تجربتي الأدبية"، حيث يوسع في هذا العمل الفضاء الجغرافي والرمزي لمدينته المتخيّلة على الطريقة البورخيسية، مستلهماً بيئته الأولى في أهوار ميسان وسكانها المهمّشين، لينتقل بها إلى الخليج العربي، حيث تتلاقى الجغرافيا وتلتقي الحضارات والثقافات، لا سيما في سوق العمل، حيث يُحوّل الإنسان إلى سلعة تحكمها متطلبات العرض والطلب.

وكذلك الحال مع "الثلاثيّات" التي عادت لترى النور بعد اثنين وأربعين عاماً عن الأولى منها، تحت عنوان "الثلاثيات السَّبع" (2021)، في محاولة حافظَ فيها جمعة اللامي على تعدُّدية الأصوات واللعب الشكلي كتقنيّتين استطاع من خلالهما المزج بين القصة القصيرة والشعر، والتأمّلات الفلسفية، بحيث تتجاور فيها الحكايات، وتتكامل عبر التكرار، والتناص، والتشظي، لتبقى الغاية من هذا كلّه العبور صوب الهامشيّ في اللغة كما في الواقع وتأكيد أهمّيته.

خارج قوس القصة، التي أطّرت المرحلتين الأولى والمتأخّرة في تجربة جمعة اللامي الإبداعية، كتب الراحل الرواية منذ التسعينيات، ومن أبرز أعماله فيها: "مجنون زينب" (1997)، و"المقامة اللّامية" (رواية على هيئة مونولوغ اعترافي طويل صدرت بعدة طبعات منذ الثمانينيات)، و"عيون زينب" (2008). مع ذلك، ظلّت شخصية بطل مجموعته الأولى "حكمة الشامي" تحضر في بعض جوانب هذه الأعمال، ولو كطيف بعيد، ولتبقى الأكثر ارتباطاً باسمه قاصّاً وروائياً.

موقف
التحديثات الحية

 

المساهمون