جبّور الدويهي يغادر فضاء رواياته

جبّور الدويهي يغادر فضاء رواياته

23 يوليو 2021
جبور الدويهي
+ الخط -

بإيقاعه المنتظم، رواية كل أربع سنوات تقريباً، بات يسيراً أن ننتبه - في العقد الأخير على الأقل - إلى موقع خاص حازه الكاتب اللبناني جبور الدويهي (1949 - 2021) في الخريطة الأدبية العربية، تماماً كما تُعرف طاولة في مقهى بكاتب، وكان الدويهي يحبّ الكتابة في المقهى.

من "اعتدال الخريف" في 1995 إلى "سم في الهواء" التي صدرت منذ أشهر تواترت إصدارات الروائي اللبناني، الذي رحل عن عالمنا اليوم، بالشكل التالي: "ريّا النهر" (1998)، و"عين وردة" (2002)، و"مطر حزيران" (2006) ، و"شريد المنازل" (2010)، و"حي الأمريكان" (2014)، و"طُبع في بيروت" (2016)، و"ملك الهند" (2020). 

علينا أن ننتبه أيضاً إلى أن أولى روايات الدويهي لم تصدر إلا وهو في منتصف الأربعينيات من عمره. وكأنه قرّر منذ البداية ألا يدخل تجربة الكتابة الروائية إلا بعد امتلاك أدوات تنفيذها وتحصيل النضج الكافي لفهم العالم وإعادة إنتاجه.

في إجابة عن سؤال إن كان راضياً عما أصدر، قال الدويهي ضمن حديث إلى "العربي الجديد" نُشر في 2018: "عندما يأخذ الإنسان الوقت الكافي، سنتين لا بل ثلاثاً وأربعاً لإتمام رواية، وعندما يُعيد ويعيد الجمل والمقاطع التي تتكوّن منها عشرات المرات فمن أين له الحقّ أن يقول إنه ليس راضياً، ومن مثلي بدأ الكتابة والنشر في سنّ متقدمة، في الأربعينيات من العمر، لا يندم على نصوص من عمر الشباب لأني لم أكتبها فأنا بدأت ناضجاً إن أمكن القول".

هذه العناية بالأعمال الأدبية قد تفسّر حضور اسم جبّور الدويهي المتواتر في القوائم القصيرة للجوائز الأدبية المختلفة، وأهم من ذلك اهتمام المترجمين بمؤلفاته، ففي السنوات الأخيرة ذهبت أعماله إلى الفرنسية والإنكليزية والألمانية والإيطالية والإسبانية والتركية والمقدونية. 

أيضاً، يفسّر هذا الحضور في الثقافات الأخرى، امتلاك الدويهي لأفق معرفي أبعد من الثقافة العربية وهو الذي تخصّص أكاديمياً في الأدب الفرنسي، وأنجز رسالة دكتوراه ضمن تخصّص الأدب المقارن. فضلاً عن اشتغاله بالصحافة الأدبية لأعوام مع مؤسسات فرنسية.

لكن أدب الدويهي لم يكن يُضيع بوصلته اللبنانية، فالعوالم التخييلية المقترحة قريبة من مؤلفها، موزّعة بين بيروت والقرى اللبنانية، تحضر فيها الجرائم الصغيرة ضمن سياق تاريخي أوسع، تقترب من خفايا الحرب الأهلية أو تذهب لتشريح اليوتوبيا اللبنانية قبل ذلك. 

وقفات
التحديثات الحية

المساهمون