"بيروت الستينيات": صدامات بين الفن والثقافة والأيديولوجيات

"بيروت الستينيات": صدامات بين الفن والثقافة والأيديولوجيات

08 مارس 2023
(عمل لـ خليل زغيب، من المعرض)
+ الخط -

لطالما أثارت السنوات الممتدّة في لبنان منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي وحتى اندلاع الحرب الأهلية عام 1975، الحنين لدى معظم النخب اللبنانية والعربية كذلك، باعتبارها الفترة التي شهدت ازدهاراً اقتصادياً قياساً بفترات لاحقة، ومناخات من الحرية السياسية مع تصاعد تيارات وأفكار تمثّل أطيافاً متنوعة، وانفتاحاً ثقافياً انعكس في الصحافة والطباعة وحركة المسرح والفن آنذاك.

يضيء معرض "بيروت الستينات: العصر الذهبي" الذي يُفتتح في "المتحف العربي للفن الحديث" بالدوحة الجمعة، السابع عشر من الشهر الجاري، تلك المرحلة التي لا تزال موضع اهتمام الدارسين لفهم الأسباب التي قادت إلى صراع طائفي ومذهبي وسياسي يعيش اللبنانيون تداعياته حتى اليوم.

يشير بيان المنظّمين إلى أن المعرض الذي يتواصل حتى الخامس من آب/ أغسطس المقبل، "يبحث في العصر الرومانسي للتأثير العالمي في عاصمة لبنان ليسلط الضوء على كيفية تحوّل المشهد الفني في بيروت إلى صورة مصغرة لتوترات أكبر عبر المنطقة جرّاء الصدامات بين الفن والثقافة والأيديولوجيات السياسية المستقطبة".

ويتتبع فترة وجيزة لكنها غنية بالاضطراب الفني والسياسي، بعد استقلال لبنان عن الاستعمار الفرنسي عام 1943، حيث أصبحت بيروت وجهة للعديد من المثقفين والممارسين الثقافيين العرب، ومع اندلاع الثورات والانقلابات والحروب في هذه المناطق على مدى العقود الثلاثة التالية، استمر ازدياد عدد القادمين الجدد إلى بيروت طوال تلك الفترة.

الصورة
(عمل لـ عارف الريس، من المعرض)
(عمل لـ عارف الريس، من المعرض)

ونظراً لما قدمه قانون السرية المصرفية اللبناني لعام 1956 الذي منع المؤسسات المالية من الكشف عن هوية العملاء أو أصولهم، فقد تدفقت رؤوس الأموال الأجنبية إلى المدينة، كما يبيّن البيان ذاته، حيث ازدهرت المعارض التجارية والمساحات الفنية المستقلة والمتاحف. كانت بيروت تضج بالناس والفرص، وبالأفكار كذلك. ومع ذلك، تحت الازدهار والرخاء، تفاقمت العداوات مؤدية في النهاية إلى حرب أهلية استمرت خمسة عشر عاماً.

الصورة
(عمل لـ فريد عواد، من المعرض)
(عمل لـ فريد عواد، من المعرض)

يتضمّن المعرض أعمالاً لعدد من الفنانين العرب الذين أقاموا فترة في بيروت واشتبكوا مع الحالة الثقافية فيها، ومنهم السوري فاتح المدرس (1922 – 1999) الذي رسم لوحات عدة تمثّل الحرب الأهلية ومشهد المقاومة والنزوح من الجنوب اللبناني، والعراقي ضياء العزاوي (1939) الذي أقام معارض في العاصمة اللبنانية خلال السيتينيات والسبعينيات، ووثّق العديد من الأحداث فيها خاصة لوحته "صبرا وشاتيلا" في تسجيل لمذابح المليشيات المسيحية والاحتلال الإسرائيلي للمخيم الفلسطيني غرب بيروت، وكذلك منحوتات الأردنية منى السعودي (1945 – 2022) التي انضمت إلى قسم الفنون في منظمة التحرير الفلسطينية بلبنان وأصدرت ملصقات سياسية وكتباً مصورة للعديد من الكتّاب بعد عام 1969، إلى جانب أعمال المصرييْن محمود سعيد (1897 -1964) وجورج دوشي (1940 – 2018) والعراقيين هاشم السمرجي (1939) ومهدي مطشر (1943) والفلسطينيين بول غيراغوسيان (1926 -1993)، وجمانة الحسيني (1932 – 2018)، وجوليانا سيرافيم (1934 - 2005).

الصورة
(عمل لـ نيكولاس عبد الله مفرج، من المعرض)
(عمل لـ نيكولاس عبد الله مفرج، من المعرض)

كما يعرض نحو مئتين وثلاثين عملاً وثلاثمئة وثيقة أرشيفية تمت استعارتها من حوالي أربعين مجموعة مقتنيات حولها العالم، ومنها أعمال لفنانين لبنانيين مثل: فريد عواد (1924 – 1982)، وشفيق عبود (1926 – 2004)، وإيتيل عدنان (1925 – 2021)، وألفريد بصبوص (1924 – 2006)، وجوزيف بصبوص (1929 – 2001)، وأسدور بزديكيان (1943)، وهوغيت كالاند (1931 – 2019)، ورفيق شرف (1932 – 2003)، وسلوى روضة شقير (1916 – 2017)، وسيمون فتّال (1942)، ولور غريب (1931)، وفريد حداد (1945)، وجون حديديان (1934 – 2015)، ودوروثي سلهب كاظمي (1942 – 1990)، وهيلين الخال (1923 – 2009)، وجميل ملاعب (1948)، ونيكولاس عبد الله مفرّج (1947 -1985)، وعارف الريس (1928 – 2005)، وعادل الصغير (1930 – 2020)، ونادية سيكالي (1936)، وسيسي سرسق (1923 – 2015)، وخليل زغيب (1913 – 1975)، وإيفيت أشقر (1928)، وجان خليفة (1923 – 1978)، إبراهيم مرزوق (1937-1975)، بالإضافة إلى الفرنسية سيمون بالتاكسي مارتيان (1925- 2009) التي أقامت في لبنان منذ بداية الخمسينيات وحتى نهاية السبعينيات.

يشاهد الزائر أيضاً عملاً تركيبياً متعدّد الوسائط للفنانيْن جوانا حاجي توماس وخليل جريج متعدد، تمّ إنشاؤه خصيصاً للمعرض، ويضيء الآثار التحويلية للعنف على الفن والإنتاج الفني، فضلاً عن تأثير الشعر في مواجهة الفوضى. 
 

المساهمون