باربارا فيلدبرغ.. لوحاتٌ كأدب الرحلة

باربارا فيلدبرغ.. لوحاتٌ كأدب الرحلة

19 ديسمبر 2021
من المعرض
+ الخط -

عندما بدأت باربارا فيلدبرغ دراستها في "كلّية هورنسي للفنون" في لندن، مطلع ستّينيات القرن الماضي، كانت الغنائية في الفنون التشكيلية تعرف انحساراً أمام صعود ما بدأ يُعرَف، منذ ذلك الوقت، بالفنّ المعاصر، وهو تيّارٌ سعى، منذ البدء، إلى الخروج من هذه الغنائية، ساعياً إلى نقل العمَل الفنّي من بِناه وأشكاله الحديثة أو "الكلاسيكية"، وتقريبه أكثر من اليوميّ وجزئيّاته الأكثر عاديةً.

في ذلك الوقت، شكّل كتاب التشكيلي الروسي فاسيلي كاندينسكي (1866 ــ 1944)، "عن الروحيّ في الفن، وفي التشكيل بشكل خاصّ" (1912)، أحد المصادر الأساسية للتشكيلية البريطانية الشابّة، التي بدت اهتماماتها في تواصُل مع الروح الحداثية التي يصفها كاندينسكي، وفي قطيعة مع الاهتمام المتزايد الذي راح يبديه زملاؤها من الفنانين الشباب بمقترحات الفن المعاصر.

بعد ستّين عاماً، ما تزال باربارا فيلدبرغ محافظةً على هذا التعلُّق بالغنائية الحداثية وبفهمِها للوحة بوصفها مسرحاً للواقع بسِعتِه وشخوصه العديدين، وهو ما نقع عليه في معرضها الحالي، "حياةٌ عِشْتُها"، المقام في "غاليري برنس ستريت" في نيويورك حتى التاسع والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر الجاري.

الصورة
جانب من المعرض
جانب من المعرض

يضمّ المعرض لوحاتٍ من مختلف المراحل التي مرّت بها الفنانة في تجربتها، ومن مختلف الأماكن التي مرّت بها وعاشت فيها، حيث تبدو التنقّلات في جغرافيا المعمورة الخيط الناظم لأعمال المعرض المقسّم بين لوحاتٍ تُصوِّر مشاهد في بريطانيا، بلد فيلدبرغ الأمّ، وأُخرى في جنوب أفريقيا، حيث عاشت لأكثر من عقد بين منتصف الستينيات ومنتصف السبعينيات، وكذلك الولايات المتّحدة، التي انتقلت إليها نهاية السبعينيات.

إلى جانب بورتريهات تذكّر، أجواؤها وخطوطها، باشتغالات عدد من أبرز فناني البورتريه منذ القرن التاسع عشر، مثل بيار أوغوست رُنوار وأميديو موديلياني. ترسم بربارا فيلدبرغ لوحاتٍ يشكّل محورَها الخارجُ، من تضاريس وشوارع وساحات، وهو خارجٌ تلتقطه ضمن لحظةٍ معيّنة، لحظة تقول سِعة المشهد وتعدّد شخوصه والطبقات التي يتشكّل منها، لتُصبح اللوحة أقرب من نصّ سرديّ طويل، حافل بغنائية شاعرية ومتطلّبة في الوقت نفسه.

المساهمون