المنسوجات والأزياء التقليدية في تونس.. أبعد من المقاربات الفولكلورية

المنسوجات والأزياء التقليدية في تونس.. أبعد من المقاربات الفولكلورية

07 يوليو 2021
من سوق لبيع الأزياء التقليدية في تونس العاصمة (Getty)
+ الخط -

كثيراً ما تهيمن رعاية الآثار المعمارية على جهود المشرفين على قطاع التراث في تونس، مقابل نسيان أشكال أخرى مثل التراث الشفوي أو تنويعات فنية متعدّدة مثل الخزف والفسيفساء وتلوين الجليز ونسج الزرابي. مؤخّراً، يمكن أن نلاحظ اهتماماً خاصاً بقطاع تراثي كان يبدو مهملاً إلى زمن قريب، هو التراث اللباسي التونسي، فبين الخامس والتاسع من الشهر الجاري تنظّم "دائرة التنمية المتحفية" التابعة لـ"المعهد الوطني للتراث" تظاهرة بعنوان "أيام المحافظة على المجموعات المتحفية" وتهتم هذا العام بـ"المنسوجات".

هذه هي الدورة الأولى من التظاهرة، وتهدف إلى إضاءة قطاع تراثي بتجميع موادّه من عدد من المتاحف التونسية في مكان واحد، وتُقام دورة هذا العام في "متحف الزعيم بورقيبة" في سقانص بالقرب من مدينة المنستير. قبل أسابيع، بادرت "دار الكتب الوطنية" في تونس العاصمة إلى إعادة إصدار كتاب "الأزياء التقليدية في تونس"، وهو كتاب جماعي أنجز بالفرنسية في ستينيات القرن الماضي، شارك في كتابة مادّته كل من: عزيزة بن تنفوس، ونزيهة محجوب، وأندريه لويس، وسميرة ستهم، وكليمانس سوجييه، وعلي الزواري، وعلية بيرم.

إضافة إلى إعادة طبع النسخة الأصلية، جرى نقله إلى العربية بجهود كلّ من محمود الهميسي وسهيل الشملي، وقد صدّرت الكتابَ الباحثةُ رجاء بن سلامة، وقد أشارت إلى أن الكتاب يمثّل "شاهداً على التنوّع المدهش في التراث اللباسي التونسي لأنه يبيّن أن لكل مدينة وكل قرية - مهما صغر حجمها - تقاليدها الخاصة بها في التطريز وفي لباس الاشتمال واللباس المخيّط المفصّل ولوازم الزينة".

من الجيّد أن هذه المبادرات تخرج من توظيف التراث لغايات سياحية

الاهتمام بالتراث اللباسي في تونس، وتعدّد أشكال هذا الاهتمام، يمثّل مؤشّراً إيجابياً على أكثر من صعيد، بدءاً بتثمين هذا التراث والمساعدة في إحيائه، وجعله مادة ثقافية متداولة سواء من خلال الكتب أو من خلال التعريف المتحفي، مع القطع مع مجموعة الفعاليات الفولكلورية التي تعرض اللباس التقليدي، بغرض العرض ودون تقديم أي إضاءة تاريخية أو ثقافية حوله في ما عدا طرق صناعته، باستدعاء الحرفيين والحرفيات للحديث عن مهنهم.

كذلك يُحسب لهذه المبادرات أنها تخرج من توظيف التراث لغايات سياحية، فالمعنيّ بتظاهرة "أيام المحافظة على المجموعات المتحفية" وبالكتب التي صدرت مؤخّراً هو بالأساس المواطن التونسي، حيث تهدف هذه المبادرات إلى تحسيسه بأهمية المادة التراثية ودورها في تركيب الهوية الجمعية.

يبقى أن مثل هذه التظاهرات وإصدارات الكتب تظلّ تُعاني من نفس ما تعانيه مجمل المبادرات الثقافية الدسمة، وهو بقاؤها بعيدة عن التأثير الواسع على الجمهور. فإقامة معرض للمنسوجات أمرٌ محمود، ولكنْ كم من التونسيين يتردّدون على المتاحف؟ وإصدار كتب عن الأزياء التقليدية أمرٌ رائع، لكن هل يوجد قرّاء يُقبلون على مثل هذه المنشورات؟

المساهمون