المفصولون من اتحاد كتاب سورية.. السياسة تعيد ترتيب المشهد الثقافي

14 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 08:06 (توقيت القدس)
سفير النظام المخلوع السابق لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، 2018 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أثار قرار اتحاد الكتاب العرب في سوريا بفصل أعضاء بارزين لدعمهم النظام السابق جدلاً واسعاً، حيث شمل القرار شخصيات مثل رفعت الأسد وبثينة شعبان.
- تباينت ردود الفعل؛ سخر بشار الجعفري من القرار، بينما دافع حسن م يوسف عن نفسه، لكن رئيس الاتحاد أحمد جاسم الحسين أكد أن يوسف دعم النظام.
- انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض للقرار، حيث دافع بعض الشخصيات عن يوسف، بينما رحب آخرون بفصل الأعضاء وطالبوا بإحالتهم للقضاء.

ولّد قرار اتحاد الكتاب العرب في سورية بفصل عدد من أعضائه على خلفية دعمهم للنظام السابق، و"تحريضهم ضد السوريين"، عاصفة جدل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي وسجالاً في الوسط الثقافي في البلاد، سيما أن القرار عُدّ بداية لتحييد من شارك أو دعم أو تبنّى خطاب حكم البعث في قمع السوريين طيلة 14 سنة. وفور تسلّم مهامه رئيساً لاتحاد الكتاب العرب في سورية، السبت الماضي، أصدر الأكاديمي والكاتب أحمد جاسم الحسين قراراً نصّ على فصل عدد من الأعضاء، هم: رفعت الأسد (عم بشار الأسد)، وبثينة شعبان وبشار الجعفري وخالد العبود وعلي الشعيبي وخالد الحلبوني وطالب إبراهيم وخليل جواد ونهلة السوسو ورجاء شاهين وحسن أحمد حسن وسعد مخلوف وحسن م. يوسف. وأوضح الحسين أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد إعادة كل الأعضاء الذين "تمّ فصلهم لأسباب سياسية أو فكرية" من قبل الاتحاد خلال سنوات الثورة. 

وضمت قائمة المطرودين عدداً من أبرز الذين دافعوا عن النظام أو اشتغلوا في مؤسساته، وعلى رأسهم بثينة شعبان مستشارة بشار الأسد، وهو ما ينسحب على بقية المفصولين الذي دعا بعضهم إلى مواجهة الثورة بالحديد والنار، مثل طالب إبراهيم الذي قال في السنوات الأولى من الثورة إن قتل المتظاهرين "واجب".

ولم يتأخر رد كل من بشار الجعفري سفير سورية السابق في موسكو، والكاتب حسن م يوسف على فصلهما من اتحاد الكتاب العرب، فالجعفري تهكّم على القرار واستخدم لغة لطالما اشتهر بها عندما كان سفيراً في الأمم المتحدة. وكتَب في منشور على فيسبوك، أنه كان "عضو شرف"، وليس "عضواً أصيلاً" في الاتحاد. وكذلك قال الكاتب حسن م يوسف إنه كان "عضو شرف" وإن رئيس الاتحاد الأسبق نضال الصالح منحه هذه الصفة، عام 2015، مدعياً أنه لم يحصل على بطاقة الانتساب. وكان الاتحاد يمنح عضوية الشرف لأسباب غالباً ما تكون سياسية، وينالها من دون أن يقدم كتابين مطبوعين كما تنص إجراءات الانتساب، ودون أن تُعرض كتبه على لجنة قراءة ودون أن يقدم طلب انتساب، وفق مصدر في الاتحاد.

وفي حديث لـ"العربي الجديد"، أشار أحمد جاسم الحسين، رئيس الاتحاد إلى أن الجعفري دافع عن نظام مجرم طيلة سنوات، والأولى به تقديم اعتذار للشعب السوري لفعلته هذه. وتابع: "أي منظمة في العالم لا يمكنها قبول أن يكون أحد أعضائها مدافعاً عن القتلة أو ينكر مجازرهم".

ضمّت القائمة رفعت الأسد وبشار الجعفري وبثينة شعبان وخالد العبود

وبيّن الحسين أن الكاتب حسن م يوسف "هو عضو شرف في الاتحاد"، مرجعاً سبب طرده إلى "محاولاته خلال السنوات الفائتة تمييع وتمويه ما كتب وما نشر حول مجزرة الكيماوي التي ارتكبها النظام البائد في منطقة خان شيخون بنيسان عام 2017". وأضاف: كتب سيناريو فيلم تبنّى فيه رواية النظام السابق، واستهتر بعمل الخوذ البيضاء (الدفاع المدني)، إضافة إلى منشوراته التي دافع فيها عن جيش النظام. ورأى الحسين أنه "من المؤلم عدم اعتذار هؤلاء منذ الأيام الأولى للتحرير عن ما كتبه، وعن دفاعه عن الجرائم التي ارتكبها".

وتوالت ردات الفعل في الوسطين الثقافي والإعلامي ما بين مؤيد أو مدافع عن بعض المفصولين ولا سيما الكاتب حسن م يوسف، والموجود خارج البلاد منذ سقوط نظام الأسد. فكتَب الممثل أيمن زيدان على فيسبوك أن "حسن م يوسف هو القاص والصحافي والأديب الحر الذي كان مسكوناً بهموم وأوجاع البسطاء والمقهورين طوال رحلته الأدبية والصحافية التي تقارب نصف قرن من الشغف والإنجاز". وتابع "يوسف كان من أوائل من أسهم في حمل الدراما السورية خارج الوطن عبر رائعته ’نهاية رجل شجاع‘ عن رواية حنا مينه. ولعب زيدان بطولة هذا العمل الذي عُرض في تسعينيات القرن الفائت، وتلاه مسلسل "إخوة التراب"، الذي كتبه يوسف أيضاً وتناول السنوات الأخيرة من الوجود التركي في بلاد الشام في الربع الأول من القرن الفائت، إذ حاول البعض ربط قرار فصل يوسف من عضوية الاتحاد بذاك المسلسل. كما دافع رجل الدين محمد حبش عن يوسف في منشور له معتبراً موقفه خلال سنوات الإبادة للسوريين "نبيلاً".

وفي المقابل، رحّب عدد كبير من الكتاب والإعلاميين بقرار فصل الكتّاب الـ 14، واستغرب بعضهم بقاء شخص مثل رفعت الأسد الذي ارتكب المجازر بحق السوريين سيما مجزرة تدمر عام 1980 ومجزرة حماة 1982، في مؤسسة تُعنى بالثقافة والفكر. وطالب عدد من الناشطين على فيسبوك، إحالة المفصولين من الاتحاد للقضاء، مع التذكير بمنشوراتهم السابقة المؤيدة لنظم الأسد، ومنهم الإعلامي غازي عبد الغفور الذي أدرج منشوراً يقول فيه: "يتوهم مَن يعتقد أن العمل الدرامي "نهاية رجل شجاع" لصاحبه حسن م يوسف هو صك غفران يجبُّ ما بعده"، مضيفاً "المثقف الذي يُفترض أن يكون ضمير الأمة وصوتها وباع نفسه وكلمته للمال السياسي والسلطان على حساب دم شعبه ووجعه، أو رهن نفسه ووضع ذاته في اصطفافات ضيقة، طائفية كانت أو نفعية، حقيقةً، لا يهتم لمثل هذه القرارات"، في إشارة الى حسن م يوسف وقرار فصله.

المساهمون