المسرح المستقل في الأردن.. بعيداً عن المهرجانات الرسمية
استمع إلى الملخص
- تواجه الفرق المسرحية المستقلة في الأردن تحديات مثل قلة التمويل وغياب الورش، ومع ذلك تقدم عروضًا بميزانيات محدودة، ويشير الناقد مؤيد حمزة إلى أهمية استقطاب الجمهور رغم التحديات.
- تقدم فرقة القلعة نموذجًا للمسرح المستقل بعرض "التزامات مصيرية"، بينما يبرز مشروع "آدم ومشمش" في المسرح الموجه للطفل، مقدماً عروضًا حول التعليم الدامج.
تتواصل استعدادات نادي المسرح والدراما لتقديم عرضه "حفنة تراث" للمخرج الأردني عناد بن طريف، على خشبة مسرح الشمس في عمّان، خلال الشهر المقبل، والذي يعتمد عنصر الموسيقى، بالإضافة إلى المزج بين الكوميديا والتراجيديا وخيال الظلّ والمسرح الراقص، في إطار مسرح استعراضي يبرمج له سبعة عروض أخرى حتى نهاية العام.
النادي الذي ساهم في تأسيسه مجموعة من طلبة الجامعة الألمانية الأردنية، تنتظم أنشطته ضمن ورشة مفتوحة يشارك فيها مجموعة من الفنانين الشباب الذين قدّموا مجموعة أعمال، منها جزء أول من عملهم المقبل، المقتبس من كتاب "معلمة للتراث الأردني" (خمسة مجلدات/ 1981) للكاتب الراحل روكس بن زائد العزيزي.
قلّة من الفرق المستقلة تعمل في إطار المسرح الفقير عبر التقشّف بكُلفة الإنتاج، بعيداً عن تمويل مهرجانات المسرح التي تقيمها وزارة الثقافة الأردنية. وللمفارقة فإن هذه الفرق تمكّنت من جدولة عروض مستمرة لأشهر وسنوات، بينما تُختزل عروض مهرجان الأردن المسرحي الذي تنطلق دورته الثلاثون في نوفمبر/تشرين الثاني 2025، باثنين فقط، رغم أن ميزانيتها المرصود تصل إلى عشرة آلاف دولار.
تواجه الفرق المستقلة غياب الورش اللازمة لتطوير تجربتها
لا يُخفي بن طريف في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن غالبية العروض تنجح مادياً ما يؤهلها للاستمرار، لكن ذلك يعني مواجهة مشكلات نتيجة خسارة بعض العروض، موضحاً أن الجمهور يتأثر بالأحداث الاقتصادية والسياسية، وهو ما ينعكس سلباً على حضورهم.
من جهته، يرى الناقد والأكاديمي مؤيد حمزة أن القدرة على استقطاب جمهور تعدّ إضافة كبيرة رغم "اضطراب" مزاجه أحياناً، قياساً بمواسم المسرح الرسمية، أو تلك التي تنظّمها فرق ترفع شعار الاستقلالية، لكنها تحصل على تمويل وزارة الثقافة أيضاً، والتي يقتصر حضورها على مجاملات الفنانين في ما بينهم، مبيناً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن رهانها على شباك التذاكر يشكّل ظاهرة في المسرح الأردني تكاد تكون اختفت منذ التسعينيات. لكن ذلك لا يمنع من توجيه النقد في ما يخص الاستسهال الذي يصاحب بعض عروض الفرق المستقلة، ما يتطلب منهم جهداً أكبر في الكتابة وإعداد النص على الورق، بما يوازي الاشتغال على المسرح بصرياً.
نموذج آخر تقدّمه فرقة القلعة المسرحية التي حصلت على إذن رسمي لممارسة أنشطتها مؤخراً، وهي امتداد لنشاط مستقل بدأ منذ سنوات عديدة، أسّسه المخرج أحمد سرور والكاتب محمد المعايطة، وعدد من الممثلين، منهم شريف الزعبي، وسلسبيلا أحمد، وسعيد المغربي، وإسحاق إلياس، وآخرون.
وتستعد "القلعة" لعرض عملها الجديد "التزامات مصيرية" الشهر المقبل، الذي تجتمع فيه شخصيات متنوّعة تنتمي إلى المجتمع الأردني، لكنها تتبنّى أفكاراً متعارضة بين اليسار واليمين والوسط، وهو طرح يتقارب مع أعمال الفرقة السابقة، مثل "عمّان الجديدة"، و"تابو"، و"آية وغيرها".
في حديثه لـ"العربي الجديد"، يلفت المعايطة إلى أن أبرز تحدٍّ يواجه المسرح المستقل هو قلة الفرق ما يسبب خفوت المنافسة بينها، ويضاف إلى ذلك شبه انعدام البنية التحتية المسرحية في الأردن، حيث تتوفّر أماكن محدودة لإجراء البروفات والعروض، ويتطلب استخدامها دفع مبالغ ليست متاحة غالباً، مضيفاً أن هذه المبادرات المستقلة تمكّنت من إنتاج المسرح، لكنها لم تستطع عقد ورش دائمة تتخصّص في إعداد الممثل، أو العمل الإخراجي، أو ما يخص السينوغرافيا، من أجل تطوير نوعي لتجاربها.
على هامش هذا الحراك، برز مشروع "آدم ومشمش" الذي انبثق عن منصة رقمية، تبثّ أغاني تعليمية اشتهرت شخصياتها، فبدأت العمل بإدارة لُمى العدناني على مسرح موجّه للطفل، حقّق قدراً من النجاح، كان آخرها عرض حول التعليم الدامج لذوي الإعاقة في المدارس، استمرّ على مدار الأشهر الماضية في المحافظات الأردنية.