"المركز العربي".. 40 كتاباً عن سورية

05 ابريل 2025
امرأتان سوريّتان أمام بسطة لبيع الكتب في دمشق بعد سقوط النظام، 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يحلل محمد جمال باروت في كتابه "العقد الأخير في تاريخ سورية" أسباب الاحتجاجات منذ 2011، مشددًا على العلاقة بين التنمية والتغير الاجتماعي والسياسي، ومقترحًا تسوية تاريخية لتجنب الانهيار الاجتماعي.
- أصدر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات حوالي أربعين كتابًا بين 2012 و2024، تناولت الثورة السورية من زوايا متعددة، مثل العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتوثيق الأحداث والشهادات الشخصية.
- لم تقتصر إصدارات المركز على الثورة السورية فقط، بل شملت موضوعات تتقاطع فيها السياسة والاجتماع والثقافة، بالإضافة إلى التاريخ السياسي والاجتماعي لسورية.

في كتابه "العقد الأخير في تاريخ سورية: جدلية الجمود والإصلاح"، الصادر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" عام 2012، قدّم الباحث والمؤرّخ السوري محمد جمال باروت محاولةً لتفسير دوافع حركة الاحتجاجات في سورية منذ 15 مارس/آذار 2011، واستكشاف مقدّماتها الموضوعية والعوامل الجوهرية التي أدّت إليها، وذلك بالعودة إلى العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين، متناولاً علاقة التنمية بالتغيّر الاجتماعي، ومسار عملية التغيّر السياسي منذ ما قبل اندلاع الاحتجاجات بقليل، ومُحذّراً من أنّ انهيار النظام قد يفضي إلى "انهيار الهيئة الاجتماعية برمّتها"، مقترحاً "تسويةً تاريخية" من شأنها أن تَحُول دون وقوع اضطرابات أهلية وطوائفية قال إنّها قد تتّخذ، في بعض الأماكن، صفة الحرب الأهلية.

تزامَن صدور الكتاب مع الذكرى الأُولى للثورة السورية التي سيُخصّص لها "المركز العربي" (تأسّس عام 2010) عدداً من الإصدارات التي تناولت جوانبَها المختلفة بالتحليل والاستقراء وتوثيق اليوميات ورصد الاحتمالات المستقبلية. أحدُ تلك الجوانب هو "المجال العامّ الافتراضي في الثورة السورية"؛ وهو عنوان كتاب (مايو/ أيار 2012) للباحث حمزة المصطفى، أضاء فيه دور وسائل التواصل الاجتماعي في الثورة، وتأثيرها في الواقع السوري وفي سلوك الفاعلين فيه، وقدرتها على إنتاج اتجاهات جديدة ضمن الرأي العامّ افتراضياً وميدانياً.

في أغسطس/ آب 2013، أصدر المركز كتاب المفكّر عزمي بشارة "سورية: درب الآلام نحو الحرية، محاولة في التاريخ الراهن"، الذي عاد فيه إلى جذور الصراعات السياسية والطائفية في سورية، وإلى الخلفيات الاقتصادية الطبقية، مؤرّخاً لوقائع سنتَين من عمر الثورة، ظهرت خلالهما، بوضوح، الأسباب العميقة لانفجار حركة الاحتجاجات، وتفاعلت في أثنائها العناصر الأساسية المُحرّكة، قبل أن تُسفر الأمور عن المشهد الدامي الذي سمّاه بشارة بـ"درب الآلام الطويل نحو الحرية".

قرابة أربعين كتاباً عن سورية بين 2012 و2024

في السياق نفسه، أتى الكتاب الجماعي "خلفيات الثورة: دراسات سورية" (سبتمبر/ أيلول 2013)، ليحاول التعريف، من خلال مجموعة من البحوث والدراسات، بخلفيات الثورة ومسارها وتطوُّر بعض ظواهرها، والإجابة عن الأسئلة المتعلّقة بعوامل اندلاع الثورة، وفهم بعض الموضوعات الجوهرية المرتبطة بها؛ مثل التنمية المفقودة، والأساس الاقتصادي للأزمة، ودور سياسات توزيع الدخل في الانفجار الاجتماعي، والبنية التسلّطية للنظام، وأكراد سورية، والحالة الطائفية في الثورة، ونقد خطاب المعارضة، إضافةً إلى الأبعاد الجيواستراتيجية لسياسات إيران وتركيا وروسيا.

كتابٌ جماعي آخر أصدره المركز في مارس/ آذار 2015، لكن هذه المرّة بأقلام فنّانين وناشطين ومجموعات سورية من داخل البلد وخارجه، إضافة إلى فنّانين من بلدان مختلفة. حمل الكتاب عنوان "ألوان زمن الثورة"، وخُصّص لأبرز الأحداث والموضوعات التي ظهرت في الأعوام الثلاثة الأُولى للثورة السورية، والمواد الفنّية التي أنتجها الشعب السوري المطالب بالحرّية في مناطق وفترات مختلفة.

وفي سياق توثيق محطّات الثورة السورية، رصد وليد الفارس في كتابه "حمص: الحصار العظيم، توثيق سبعمئة يوم من الحصار" (أغسطس/ آب) 2015، الأحداث التي جرت في مدينة حمص منذ اندلاع الثورة، خصوصاً الحصار الذي فرضته قوّات النظام والمليشيات التابعة له، والذي عاش الكاتب تفاصيله وسجّل خلاله وقائع الاجتماعات والرسائل والمذكّرات والمقابلات والشهادات.

وفي الذكرى السابعة للثورة، سنقرأ "شهادة شخصية" للقاصّ والصحافي وكاتب السيناريو خطيب بدلة عنونَها "تجربتي في الثورة السورية: كفرية والفوعة... وريف إدلب" (مارس/ آذار 2018)، وروى فيها معايشاته في ريف إدلب، وتحديداً في محيط بلدتَي الفوعة وكفريا الشيعيتين، وكيف تحوّل "من ثائر يمشي في التظاهرات ويهتف للحرية والخلاص من الاستبداد، إلى رجُل مشغول بالحدّ من حجز حرية الناس على يد المطالبين بالحرية أنفسهم".. ومتخوّف ممّا كان يراه من تشرذم طائفي في منطقته، ومن أخطاء الثوّار الذين غرقوا في معمعة الانقسام الطائفي.

استعاد المركز الحكومة العربية في مؤتمر وكتابين

وتحت عنوان "تنوير عشية الثورة: النقاشات المصرية والسورية" (يناير/ كانون الثاني 2021)، نشر "المركز العربي" ترجمةً بتوقيع محمود محمّد الحرثاني لكتاب الأكاديمية اللبنانية إليزابيث سوزان كساب، والذي ناقشت فيه السياقات الفكرية التي تخلّقت فيها أجواء الثورة في مصر ضدّ نظام مبارك وفي سورية ضدّ نظام الأسد، مستعرضةً الفروق بين خطابات التنوير في السنوات التي سبقت الثورتين، محلّلةً - في الحالة السورية - أعمال كلّ من أنطون مقدسي، وسعد الله ونوس، وفيصل درّاج، وممدوح عدوان، وبرهان غليون، وطيب تيزيني.

وخلال العام الماضي، أصدر المركز كتاباً في جزأين للأكاديمي سامر بكور بعنوان "التغريبة السورية: الحرب الأهلية وتداعياتها المجالية والسكّانية 2011 – 2020". أمّا الأوّل، فحمل عنواناً فرعياً هو "المناطق الجنوبية والوسطى والساحلية من سورية"، وركّز على بحث أسباب الثورة التي انطلقت في 2011 وما تلاها من حرب أثّرت في سورية ومحيطها. وأمّا الثاني، فحمل عنواناً فرعياً هو "المنطقة الشمالية الشرقية والمنطقة الشمالية الغربية من سورية"، وأضاء على الصراع الداخلي بين أطراف الحرب في سورية.

وفي السنة نفسها، صدر كتاب "وثائق الأمم المتّحدة في المسألة السورية: 2011 - 2018" من إعداد الباحثَين عبد الحميد صيام وهلا الحوش، اللذين عرضا فيه عشرات من الوثائق التي تُوضّح تطوُّر النزاع في سورية وكيفية تعامُل منظّمة الأمم المتّحدة وأجهزتها المختلفة معه طوال سبع سنين، خصوصاً بعد تطوُّر الأزمة الإنسانية وانقسام مجلس الأمن حول التعامل مع المسألة السورية.

لم تقتصر إصدارات "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في الشأن السوري على الثورة ضدّ نظام الأسد، بل مسّت موضوعات تتقاطع فيها السياسة والاجتماع والثقافة والتاريخ السياسي والاجتماعي والثقافي، وإن كان لكثير من تلك الإصدارات صلاتٌ مباشرة أو غير مباشرة بموضوع الثورة.

من ذلك الكتابُ الجماعي "مسألة أكراد سورية: الواقع، التاريخ، الأسطرة" (2012) وكتاب الباحث عبد الباسط سيدا "موضوعات كردية سورية" (2020)، وأيضاً كتابا الباحث شمس الدين الكيلاني: "تحوّلات في مواقف النخب السورية من لبنان: 1920 - 2011" (2012)، الذي رصد فيه الاتجاهات السياسية السورية إزاء لبنان منذ الانتداب الفرنسي وحتى بداية الثورة، و"مدخل في الحياة السياسية السورية: من تأسيس الكيان إلى الثورة" (2018)، الذي تناول فيه الحياة السياسية وتحوّلاتها في سورية منذ تكوّن الدولة الحديثة السورية مع دخول الأمير فيصل دمشق في أكتوبر/ تشرين الأوّل 1918 إلى قيام الثورة في 2011.

هذا الموضوع سيقاربه أيضاً، لكن من زوايا أُخرى، كلٌّ من الباحث عبد الله حنا في كتابه "صفحات من تاريخ الأحزاب السياسية في سورية القرن العشرين وأجواؤها الاجتماعية" (2018) والمؤرّخ محمّد حرب فرزات في كتابه "الحياة الحزبية في سورية: دراسة تاريخية لنشوء الأحزاب السياسية وتطوُّرها 1908 - 1955" (2019).

وتُطالعنا ضمن إصدارات المركز في التاريخ الاجتماعي والسياسي، عناوين مثل: "المرشدية في محيطها العلوي وأجواؤها السياسية والاجتماعية 1923 - 1946" (2015) لعبد الله حنا، و"فلّاحو سورية: أبناء وجهائهم الريفيّين الأقلّ شأناً وسياساتهم" للباحث الفلسطيني حنا بطاطو (1926 - 2000)، والذي صدر بترجمة عبد الله فاضل ورائد النقشبندي في 2014، و"تطوّر الخصوبة السكّانية في سورية منذ الاستقلال 1947 - 2005" (2015) للباحثة مدى شريقي، و"صور من حياة مجتمعات سورية القرن العشرين، جمعها الدارسون في المعهد النقابي بدمشق" (2019) لعبد الله حنا، و"وثائق المؤتمر العربي الأوّل 1913: كتاب المؤتمر والمراسلات الدبلوماسية الفرنسية المتعلّقة به" (2019) للمؤرّخ والأكاديمي اللبناني وجيه كوثراني، و"الحركة النسائية المبكرة في سوريا العثمانية: تجربة الكاتبة هنا كسباني كوراني 1892 - 1896" (2020) للكاتب والباحث تيسير خلف، و"تطوّر سوريا السياسي في ظلّ الانتداب" (2020) لإدمون رباط، و"قراءة حول مفاهيم الأمّة والقومية والدولة الوطنية في الوعي السياسي السوري 1946 -1963" (2020) للباحثة خلود الزغير، و"سياسة علماء دمشق: أسئلة الإصلاح والهوية والعروبة" 1516 - 1916" (2024) لحسان القالش.

ويحضر موضوع "الحكومة العربية" التي شُكّلت في دمشق عام 1918 وأعلنت استقلال "المملكة السورية العربية" عام 1919 وتوّجت ذلك في 1920 بمناقشة دستور يُرسي نظام حُكم مدني ولا مركزي في كتابَين؛ هما: "الحكومة العربية في دمشق: التجربة المبكرة للدولة العربية الحديثة 1918 - 1920" (2021)، الذي ضمّ ثمانية عشر بحثاً قُدّمت في مؤتمر عقده "المركز العربي" في بيروت في إبريل/ نيسان 2019، و"كيف سرق الغرب الديمقراطية من العرب: المؤتمر السوري في عام 1920 وتدمير التحالف التاريخي الليبرالي- الإسلامي فيه" للمؤرّخة الأميركية إليزابيث ف. تومبسون، والذي أصدره المركز في 2022 بترجمة محمّد م. الأرناؤوط.

في الشأن الثقافي، يمكن الإشارة إلى كتابَين بارزَين من إصدارات المركز؛ أوّلُهما "إلياس مرقص: حوارات غير منشورة" (2013)، والذي تضمّن حواراً مُطوّلاً أجراه طلال نعمة مع المفكّر السوري إلياس مرقص (1927 - 1991) قبل عشرين عاماً من صدور الكتاب، لكنّه ظلّ حبيس الأدراج. نستعيد في هذا الكتاب أجواء السجالات الفكرية والسياسية العاصفة التي شهدتها المنطقة العربية في حقبة التحوّلات الكبرى بين 1955 و1975؛ حيث كانت قضايا الوحدة العربية، والعدالة الاجتماعية، والديمقراطية، وتحرير فلسطين، والتقدّم والنهضة، في مقدّمة تلك السجالات.

وأمّا الثاني، فهو "سورية الأُخرى" للأكاديمية الأميركية ميريام كوك، والذي صدر في 2019 بترجمة حازم نهار. هذا العمل، الذي تضمّن مقابلات أجرتها كوك في سورية بين خريف 1995 وربيع 1996 مع كتّاب وفنّانين معارضين، مثل محمد الماغوط ومحمد ملص ونادية الغزي وكوليت خوري وإلفة الإدلبي وغادة السمان وممدوح عدوان وسعد الله ونوس، يُعيدنا إلى المشهد الثقافي والفنّي في زمن حافظ الأسد؛ حيث كانت سياساته تتيح أحياناً التعبير عن المشاعر المناهضة للحكومة من خلال رعاية أعمال بعض الفنّانين والكتّاب بقصد تحويل نقد الحكومة إلى سياسة رسمية تهدف إلى تنفيس الاحتقان، وهو ما جعل بعض الفنّانين المعارضين يتأرجحون بين الرغبة في انتقاد النظام الدكتاتوري بشكل حقيقي والمخاطرة بسلامتهم والخشية من استخدام النظام أعمالهم الفنّية في الدعاية الحكومية.