القطع الأثرية التونسية المسترجعة: معرضٌ أم استعراض؟

القطع الأثرية التونسية المسترجعة: معرضٌ أم استعراض؟

21 فبراير 2022
من أعمال تجهيز المعرض في "مدينة الثقافة" بتونس العاصمة
+ الخط -

تكون المتاحف هادئة في العادة، يكاد يتوقّف الزمن فيها ولا يتكلّم أحد داخلها إلّا همساً. لكنْ في 2018، ولَجَتْ العواصف الكثيرَ من متاحف العالم، الشمالية منها تحديداً؛ وقتها طالبت دولٌ - أفريقية بالأساس مثل بنين والسنغال - بإعادة التُّحَف واللقى الأثرية التي تعود إليها قبل أن تنهبها أيدي المستعمرين تحت غطاء البعثات العِلمية أو تلبية رغبات هواة تجميع الآثار والتعبيرات الثقافية للشعوب غير الأوروبية، وكانت تسمّى في وقتٍ من الأوقات بـ"الشعوب البدائية" أو "غير المتحضّرة".

خلال تلك "العاصفة"، لم يُسمع صوتٌ جاهر للبلدان العربية في حين أنها من أكثر مناطق العالم تضرّراً من نهب الآثار، وحكايات السرقة من العراق إلى المغرب العربي في القرن التاسع عشر مبذولةٌ في الروايات والكتب التاريخية، تماماً مثلما هي اليوم قصص تهريب الآثار في نشرات الأنباء وتقارير المنظّمات الدولية.

ورغم الصمت العربي في الضغط على كُبريات المؤسّسات المَتحفيّة في الغرب، فإن المؤسّسات الرسمية في معظم البلدان العربية قد بدأت في التقاط هذا المدّ العالمي، ليس بتطوير خطابها الذي يُدين السرقات الاستعمارية، بل من خلال الإعلان عن كلّ عملية استرجاع، وتحويل بعضها إلى حدث إعلامي، في وقت قد تكون هذه الاسترجاعات ناتجةً عن سياسة المؤسّسات المتحفية الأجنبية وليست حصيلة انتصارات لحملات ضغط.

استفادة محدودة لمعظم البلدان العربية من حركة استرجاع الآثار عالمياً

في "مدينة الثقافة" بتونس العاصمة، يقام منذ يوم الجمعة، 18 شباط/ فبراير الجاري، معرضٌ بعنوان "تراثنا ثروة لا تقدّر بثمن"، يضمّ بحسب مُنظّميه ("المعهد الوطني للتراث" و"وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية"، وهما مؤسّستان تابعتان لوزارة الثقافة) عدداً من القطع الأثرية المسترجعة والمحجوزة، أي التي جرى إنقاذها من عمليات التهريب.

يضمّ المعرض، الذي يستمر حتى السادس من الشهر المقبل، 374 قطعة أثرية، يُشير المنظّمون إلى أنه قد جرى انتقاؤها من جملة أربعين ألف قطعة تمّ استرجاعها أو حجزها في إطار عمل "المعهد الوطني للتراث" بين سنتَيْ 2012 و2019.

تعود هذه القطع إلى مراحل تاريخية متنوّعة، عددٌ منها يعود إلى الفترة البونية؛ المرحلة التي يتقاطع فيها الحضور الفينيقي والروماني في تونس، وأبرز تجلّياتها الحروب الطاحنة بين قرطاج وروما، وصولاً إلى المرحلة الإسلامية بدءاً من القرن السابع ميلادي، ومختلف السلطنات التي حكمت البلاد من الإمارة الأغلبية في العصر العبّاسي إلى السلالات التي حكمت تحت رعاية العثمانيين.

لكنّ تقسيم المعرض لم يقم على أساس التحقيب التاريخي، بل ضمن ثيمات أربع هي: الحياة اليومية، والتحف الفنّية، والمنحوتات والعناصر المعمارية والزّخرفية، والمعتقدات والأديان. تقسيمٌ يُظهر اجتهاداً لا نراه في عنوان المعرض الذي يبدو ككليشيه ممّا يُلقّن في المدارس، ولا نراه قبل ذلك في جهود استرجاع القطع المنهوبة والكثير من الأرشيف التونسي، خصوصاً في فرنسا...

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون