"العبودية الكهربائية": باتجاه السجن الرقمي

"العبودية الكهربائية": باتجاه السجن الرقمي

17 يناير 2021
عمل لـ إيريك نيتش
+ الخط -

يبدو التاريخ البشري محكوماً بالتقدّم على مستوى الحرّيات، حيث تستفيد المجتمعات من نضالات أسلافها لتحقيق مزيد من الحرية الفردية، كما تستفيد من التقنيات الحديثة ومن الأدوات الفكرية لتحصين الحرية. لكن هل صحيح أن التقدّم نحو الحرية دائم؟ ألا يمكن أن تتحوّل الأدوات التي أتاحت الحريات إلى وسائل للطغيان، وبالوسائل ذاتها التي تعتقد الأغلبية أنها الضامن للحريات؟

تلك هي الإشكالية التي يطرحها كتاب "العبودية الكهربائية: من حلم الحرية إلى السجن الرقمي" الذي صدر حديثاً عن منشورات "سوي" في باريس، وهو عمل اشترك في تأليفه كل من جيرار دوباي وآلان غرا، وكلاهما يشتغل ضمن مجالات علم الاجتماع والأنثروبولوجيا. 

يدرس المؤلِّفان إشكالية الحرية من خلال تاريخ التقنية، خصوصاً الكهربائية، والتي تزامن استعمالها مع صعود النموذج الرأسمالي في أوروبا ومن ثمّ انتشاره في العالم. بل إن الطاقة الكهربائية والسيطرة عليها مثّلا داعماً للرأسمالية كي توطّد أقدامها في العالم وتوجّهه حيث شاءت.

يفسّر جيرار دوباي وآلان غرا أسباب هذه الاستفادة من خلال تفكيكٍ فكريّ للكهرباء التي تتحرّك بحسبهما في ثلاثة محاور: الضوء والقوّة والمعلومة. وكان تطوير كل محور يؤدّي إلى تطوير الرأسمالية بمختلف وجوهها من زمن الصناعة إلى زمن البيانات الضخمة. 

تبدو الكهرباء عاملِاً ساهم أيضاً في دعم الحريات، ومن أقرب الأمثلة لذلك إتاحتها حرية التنقّل أو سهولة التواصل رغم إكراهات المسافة. غير أن المؤلِّفين يشيران إلى أن الاستعمالات التقنية المتولدة منها بدأت تفرض بالتدريج أنواعاً من التبعية والعبودية.

الصورة
العبودية الكهربائية

لا يبدو موضوع الكتاب الجديد غريباً على المؤلفين، فقد نشر دوباي من قبل عملاً بعنوان "أزمنة سيئة: الأنثروبوسين ورقمنة العالم" (2018)، فيما أصدر غرا مؤلفات في السياق نفسه، أبرزها: "هشاشة القوة: كيف نتحرّر من سطوة التكنولوجيا" (2003)، و"متخيّلات الابتكار التقني" (2012).

المساهمون