"السودان القديم".. من حضارة كوش إلى اللحظة الراهنة

19 فبراير 2025
تمثال برونز لإلهة من القرن الثالث قبل الميلاد عُثر عليه في الكوة بالسودان (من المعرض)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مملكة كوش: إمبراطورية عظيمة: بين القرنين الثامن قبل الميلاد والرابع الميلادي، حكمت مملكة كوش من النيل الأزرق إلى بلاد الشام، وامتزجت فيها الثقافات النوبية والأفريقية مع المصرية القديمة، حيث بنى أبناؤها أهرامات ومدافن مشابهة لمصر.

- معرض "السودان القديم: تراث دائم": يضم المعرض قطعاً أثرية تعود لثلاثة آلاف عام، مثل مائدة حجرية وجرّة فخارية وتمثال برونزي، ويبرز دور النساء في حكم الكوشيين، مثل الملكة أماني ريناس.

- التراث الثقافي السوداني: يعرض المعرض نماذج من الحرف اليدوية والأزياء الشعبية السودانية، مسلطاً الضوء على التفاعل الثقافي بين وسط أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.

ما بين القرنين الثامن قبل الميلاد والرابع الميلادي، ظهرت مملكة كوش واحدةً من أكبر الإمبراطوريات في زمانها، حيث حكمت من النيل الأزرق إلى بلاد الشام. يضيء معرض "السودان القديم: تراث دائم" الذي افتتح في "متحف وغاليري بورتسموث" بمدينة بورتسموث البريطانية بداية الشهر الجاري، ويتواصل حتى التاسع عشر من نيسان/ إبريل المقبل، هذه المرحلة، حيث يضمّ قطعاً أثرية تعود أقدمها إلى ثلاثة آلاف عامٍ مضت، معارة من "المتحف المصري"، ونقوشاً وأعمالاً فنية تغطي حقبة مختلفة من تاريخ البلد العربي الأفريقي، وصولاً إلى اللحظة الراهنة، التي تشهد حرباً أهلية سودانية منذ نحو عامين، في تهديد مستمر لمعالمه الثقافية والتراثية.

يشير تقديم المعرض إلى موقع السودان المتميّز بوصفه مفترق طرق بين وسط أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، في جغرافيا تفاعلت عليها العديد من الشعوب والثقافات والأفكار، ومنها مملكة كوش التي امتزجت فيها الثقافتان النوبية والأفريقية مع المصرية القديمة، حيث بنى أبناؤها أهرامات ومدافن في السودان تشبه مثيلتها في مصر، وتعبّدوا للإلهين، أمون وإيزيس، واستخدموا اللغة الهيروغليفية قبل أن يطوّروا أبجديّة خاصّة بهم، وتأثّروا كثيراً بالفنون المصرية.

يضمّ المعرض مائدة مصنوعة من الحجر الجيري كانت تُستعمل لتقديم القرابين بين عامَيْ 25-150م، وهي تعود إلى شخص يُدعى قنابيليلي، وتحوي حوضاً تُسكب فيه السوائل، وعليه نقوش باللغة المروية، وهي اللغة المكتوبة الأصلية في فترة متأخّرة من حكم الكوشيين، مع صورة للإلهين، نيفتيس وأنوبيس.

استخدم الكوشيون الهيروغليفية قبل أن يطوّروا أبجديةً خاصّة بهم

كذلك تُعرض جرّة فخارية مزيّنة بتماسيح النيل يقدّر أنّها مصنوعة بين عامَيْ 250-300م، وعُثر عليها بجوار قبرٍ لأحد الأثرياء بالقرب من مدينة فرس في النوبة، وصُممت لملء السوائل، ووضعها لتكون قرباناً رمزياً للقبر، بالإضافة إلى تمثال برونزي لإلهة من القرن الثالث قبل الميلاد عُثر عليه في مدينة الكوة بالسودان، وغالباً كان يُثبَّت في مقدّمة قارب مخصّص للتنقّل بين المعابد، وأمر بصنعه الملك أرنيخاماني، من أجل وضعه في مجمع للمعابد، لكنّه رحل قبل الانتهاء من تشييده.

من المعرض
من المعرض

من بين الأعمال المعروضة خمسة أوانٍ مزخرفة نُقش على كلّ واحد منها تمساحان بمخالب، ولكن دون أسنان، واكتُشِفَت في مقبرة في مدينة فرس النوبية التي غُمرت بعد بناء السد العالي بالمياه. وتحضر التماسيح على العديد من المشغولات والأدوات التي تنتمي إلى حضارة كوش، وقد أحيطت بهالة من الغموض والقداسة ووظّفت في السحر أيضاً.

المعرض الذي سينتقل في محطة ثانية إلى "متحف ستيرلينغ سميث للفنون" في وسط أسكتلندا، يسلّط الضوء على دور النساء خلال حكم الكوشيين، حيث استطاع عدد منهن تقلّد مناصب رفيعة، وفي الصدارة الملكة أماني ريناس التي حكمت لخمسة عقود وقادت جيشها في معارك عديدة ضدّ الرومان.

ويشاهد الزوّار نماذج من الحرف اليدوية التي لا تزال حاضرة في الثقافة السودانية المعاصرة، وكذلك أزياء شعبية، منها فستان زفاف تقليدي مزخرف بالتطريز مع قطع من الخرز.