استمع إلى الملخص
- الكتاب، الذي بدأ كرسالة ماجستير، تجاوز الأوساط الأكاديمية ليصل إلى القراء العامين، رغم النقد لعدم تغطيته الحركة الموسيقية في لبنان، حيث ركز على "الموسيقى الحضَرية" في مصر.
- واصل سحّاب مسيرته الأكاديمية والبحثية، حيث شغل مناصب مرموقة وألّف أكثر من ثلاثين كتاباً، مسلطاً الضوء على الموسيقى والتاريخ والحضارة.
في لقاء صحافي أجرته جريدة "نيويورك تايمز"، عام 2004، مع المفكّر السوري صادق جلال العظم، يقول: "إذا أردتَ أن تفهم تاريخ الموسيقى العربية المعاصرة، فليس أمامك سوى فيكتور سحّاب". قولٌ يُلخّص مسيرة المؤرّخ والناقد اللبناني (يافا، 1942) الذي شكّلت مؤلّفاته أساساتٍ لا غنى عنها لفهم نشأة وتطوّر الموسيقى العربية، ولعلّ أبرز تلك المؤلّفات هو "السبعة الكبار في الموسيقى العربية المعاصرة"، الذي صدرت منه حديثاً طبعة ثالثة مزيدة ومنقّحة عن "دار نِلسن" في بيروت، و"ريشة للنشر والتوزيع" في القاهرة.
والكتاب في الأصل رسالةٌ جامعية أُعدّت لنيل الماجستير في التاريخ من "الجامعة اللبنانية" عام 1987، لكنه سرعان ما تجاوز وظيفته الأكاديمية، وانتشر في أوساط القرّاء من غير المختصّين. وينطلق فيه مؤلّفه من السنوات بين 1892 و1912 حين وًلد للأمّة العربية سبعة من عباقرة الموسيقى والغناء: سيّد درويش (1892 - 1923)، ومحمد القصبجي (1892 - 1966)، وزكريا أحمد (1896 - 1961)، ومحمد عبد الوهاب (1902 - 1991)، وأُمّ كلثوم (1902 - 1975)، ورياض السنباطي (1906 - 1981)، وأسمهان (1912 - 1944). ثمّ يرصد الثلاثين سنة الأُخرى التي امتدّت من 1904 إلى 1934، حيث ظهرت في مصر مبتكراتٌ تكنولوجية غربية أحدثت أثراً خطيراً في الموسيقى العربية، فدخل الفونوغراف ليحل محلّ الحفلات والمسارح.
يعتبر مصر في القرن العشرين نموذجاً لـ"الموسيقى الحضَرية"
ويُشير فيكتور سحّاب إلى أن القرن العشرين أحدث تطوّراً جذرياً من حيث المضمون الموسيقي في الأنواع والأشكال التلحينية، كما في أسلوب الغناء. ومن هنا جاء تركيزه على هؤلاء السبعة، في حين "أنّ فنّانين آخرين كانوا لا يقلّون حضوراً عنهم، ولكنهم لحقوا بهم ولم يزيدوا عليهم تطويراً ذا شأن، على الرغم من أن إنتاجهم الموسيقي والغنائي احتلّ مرتبة محترمة"، كما يكتب مقدمة الطبعة الثالثة.
ويعترف المؤلّف في مقدّمة عمله أن الكتاب بعد صدوره قد أثار موجة من النقد، خاصة لعدم اشتماله على الحركة الموسيقية في لبنان، ويُفسّر هذا بأن نظرته إلى مصر جاءت من بوّابة "الموسيقى الحضَرية"، أو "المدَنيّة العربية"، التي تستند جذورها إلى تجويد القرآن والتواشيح والموشحات والأدوار، في حين أن أُسس النهضة الغنائية في لبنان قامت على توجّه "ريفي" بين عامي 1950 و1975.
بعد أن حاز فيكتور سحّاب الماجستير عن كتابه، واصل مسيرته الأكاديمية حيث عمل باحثاً زائراً في "جامعة جورجتاون"، وشغل نيابة رئيس مجلس الموسيقى الدولي، كما حاضر في التاريخ والموسيقى والحضارة المعاصرة لقرابة عشرين عاماً في الجامعات اللبنانية، وعمل مديراً للبرامج في إذاعة لبنان. صدر له أكثر من ثلاثين كتاباً، منها: "عن القومية والمادية والدين" (1980)، و"ضرورة التراث" (1984)، و"الفكر السياسي الفلسطيني بعد 1948" (1990)، و"وديع الصافي" (1996)، و"موسوعة أم كلثوم" (مع شقيقه إلياس سحّاب، 2003)، و"زكي ناصيف: الموهوب العالِم" (2016)، و"الشحرورة صباح نجمة النهضتين المصرية واللبنانية" (2017)، و"سيّد درويش: المؤسس" (2023).