الرحالة الفرنسي يوجين ملكيور دي فوغيه مبهوراً بجمال بيروت

الرحالة الفرنسي يوجين ملكيور دي فوغيه مبهوراً بجمال بيروت

12 يونيو 2021
رسم لبيروت في القرن التاسع عشر (Getty)
+ الخط -

زار الدبلوماسي والرحالة الفرنسي الشهير يوجين ملكيور دي فوغيه (1848- 1910) ولاية سورية العثمانية في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 1872، حين كان مقيماً في عاصمة السلطنة العثمانية إسطنبول بصفته ملحقاً في سفارة بلاده. وكانت رحلته هذه المعنونة بـ"أيام السفر في سورية"؛ فاتحة مسيرته في عالم النشر قبل أن ينشر بعدها رحلات أخرى إلى الأراضي المقدسة وجبل آثوس وكتاباً عن تاريخ الشرق.

بعد سنوات من الإقامة في إسطنبول انتقل دي فوغيه إلى روسيا حيث تزوج هناك من إحدى الأسر النبيلة، ونشر كتابات عرفت العالم آنذاك بالأدب الروسي، حيث ينسب لفوغيه الفضل في تسليط الضوء ولفت الانتباه إلى عدد من الأدباء الروس أمثال ألكسندر بوشكين ونيقولاي غوغول وفيودور دوستويفسكي وليو تولستوي.


شاطئ بيروت

وصل دي فوغيه إلى ميناء بيروت يوم السابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 1872، فانتابته مشاعر وصفها بأنها تشبه ما يشعر به المرء عندما يرى الوطن الأم. يقول: "نعانق بيروت والشاطئ وقمم الجبال بنظرة واحدة، كان الانطباع الأول مثل أي حلم عزيز للغاية بدأ بالتحقق.. السماء تمطر بغزارة، والغيوم الكثيفة تحجب السماء، وإلى يسارنا سلسلة لبنان الطويلة، من بيروت إلى البترون. ومقابلنا المدينة التي تتكئ على تل، تغتسل منازلها القريبة في البحر، لكن هذه المنازل الأوروبية الطراز، ذات الأسقف القرميدية يبدو مظهرها مفرطا في تحضره، يمكنني مقارنة منظر بيروت من البحر بمدينة هييرس أو مدينة كان، أو أي منتجع آخر على شاطئ البحر الأبيض المتوسط..".

ويضيف: "نزلنا عند حاجز كاسر صغير للأمواج، يتكئ على الأساسات الحجرية لبرج كبير من بقايا تحصينات الأمير فخر الدين. يحيط بنا الحمالون ونحن على ظهر السفينة، ويتشاجرون على حقائبنا. كلهم من الشباب الماروني الفخور والذكي، يرتدون الزي السوري الأنيق والسترة القصيرة والسراويل المنتفخة بأناقة. إنهم يتكلمون لغتنا (الفرنسية) بسهولة، ولا شيء في لهجتهم يذكِّر بضعف وخنوع وثرثرة اليونانيين، أو اليهود الذين يخدمون كأدلة سياحيين في موانئ الشرق الأخرى".

يقود مرشد، أكثر إقناعاً من زملائه، دي فوغيه ورفاقه في الرحلة إلى "فندق أوروبا"، حيث يجد هناك مواطنين فرنسيين من بينهم القنصل الفرنسي الذي يعرف البلد جيداً، كما يقول، وقد عرض لهم مجموعته الغنية من الأعمال الفنية وهي: نحاسيات فارسية مع خطوط كوفية، وعملات سلوقية، ونقوش تدمرية ذات رموز غامضة.


جولة في أسواق المدينة

بعد ذلك يقودهم القنصل في جولة شملت أنحاء المدينة، وكان يحدثهم عن سورية وفلسطين التي جال فيها لمدة ثمانية أشهر. ويقول: "تتميز البازارات بمظهر أكثر شرقية من تلك الموجودة في إسطنبول أو أزمير.. الشوارع ضيقة ومحاطة بالبيوت المرتفعة والأقبية والأروقة. قطع الحصير تتلاعب بالضوء والظل من خلال اختراقات متقلبة مظلمة تحت لبنات البناء، تنتهي ببقعة من ضوء الشمس في الفناء. على طول الأقواس الحجرية، وفي أكشاك ضيقة ومظلمة من الخشب المتآكل، تنتشر المعروضات التجارية الخلابة في بلاد الشام: جبال من الفاكهة مرتبة بشكل متماثل لإمتاع العيون، والتوابل والأعشاب تعلن عن نفسها من بعيد عن طريق عطورها الغريبة، والجبهات مزينة بكوفيات، ومناديل حريرية زاهية الألوان يلفها العرب على رؤوسهم، ويربطونها هناك بضفائر من الصوف أو شعر الإبل، وسروج من الجلد الأحمر بأغطية لامعة. تقتصر هذه التجارة بشكل أو بآخر على الضروريات الأساسية للحياة العربية، والمؤن، وألبسة الفرسان، ومستلزمات الخيل. ومع ذلك تجد هنا صاغة المجوهرات الذين قاموا بإنزال حجارة الفيروز بكل أناقة في مصوغاتهم المزخرفة، والجواهريون الذين ينقشون بأحرف قديمة على العقيق اليماني آيات من القرآن الكريم. خارج البازارات، الشوارع واسعة مستقيمة على الطراز الأوروبي، تصطف على جانبيها منازل جديدة ذات طراز عربي متفرنج، تتخللها أشجار التين، والصبار، الأكاسيا والرمان".


تنوع بشري

يأخذ التنوع البشري الذي يميز بيروت بلب دي فوغيه، ويشير بحماس كبير إلى الاختلاف المطلق بين المدينة التركية والمدينة العربية، فتحت الأزياء المتنوعة والجميلة بشكل خيالي، يلحظ القامة الطويلة والقوام الممشوق، والعضلات الفولاذية والجبهة العريضة البارزة التي تميز العرق السامي، كما يقول، "هنا الدروز مكسوون بجوخ يكسبهم مظهراً نبيلاً في مجالسهم، وثمة شيوخ من دمشق، وبدو أقل ترتيباً، وعرب الديانة الأرثوذكسية، أهل الجبل والصحراء؛ بيد أن العنصر الماروني هو السائد في التجارة".

ويتابع وصفه: "الفتيات المسلمات والمسيحيات محجبات بالكامل. أثناء عبورنا الحي اليهودي، نلتقي ببعض الفتيات الصغيرات اللواتي يتمتعن بجمال مميز. وهن أفضل حالاً من نساء يهود القسطنطينية الدميمات، فقد احتفظت هؤلاء النسوة بملامحهن الطبيعية كما وصلتنا من المراجع القديمة: عيون كبيرة داكنة بنعومة رقيقة، وذات جمال مستبد ووحشي، لذا يمكننا أن نفهم كيف واجهت إستير قرار الملك الفارسي أحشويروش".

قبيل المساء يجلس دي فوغيه وصحبه في مقهى صغير في الساحة الرئيسية في بيروت، وهي على الأرجح ساحة البرج، ويلفت نظره صمت الحاضرين وهم كما يقول يتكونون من العديد من العاطلين عن العمل، والعوام، والمكارية، والجمّالة، والتجار، ينتظرون مثل التماثيل، وفي أيديهم النراجيل المجهزة بالكامل، غروب الشمس. ويخبرنا أن الأمر يتعلق بشهر رمضان، فصوم المسلمين، كما يقول يحرم تناول الطعام وتدخين التبغ قبل نهاية اليوم. ويقول إن المسلمين يراعون بدقة هذه الفروض، ويستطرد بالقول إن جميع الشرقيين، بغض النظر عن ديانتهم، هم أتباع مخلصون للممارسات الدينية المظهرية والمادية، ويضيف أنه حالما ضرب المدفع، هرع المؤمنون إلى نرجيلاتهم ليستنشقوا نفخة من التمباك؛ حتى بعد هذا الصيام لمدة أربع عشرة ساعة، فإن اشتهاء التبغ أقوى بينهم من اشتهاء الطعام.


عربات الدليجانس

فور ذلك غادر دي فوغيه ورفاقه المقهى وسط سحابة من الدخان، كما يقول متهكماً، جديرة بآلهة هوميروس، ويضيف أن البوق صدح معلناً وصول عربة المسافرين القادمين من دمشق. ويشير إلى أن ذلك حدث يومي في بيروت لم يكن ليتم لولا الشركة الفرنسية، والمقصود "شركة طريق الشام العثمانية" المعروفة باسم شركة الدليجانس، والتي أنشأت الطريق الممتاز، الأفضل في الإمبراطورية العثمانية بلا شك، فهو يربط بين مركزي سورية العظيمين، دمشق وبيروت، والعربات المريحة تستغرق رحلتها بين المدينين أربع عشرة ساعة، بحسب تعبيره.

ويخبرنا رحالتنا أنه كان يذهب ورفاقه، طوال الأيام الأربعة التي أمضوها في بيروت، إلى حرش الصنوبر الذي أوحى له بالحزن والرتابة حيث "تقف أشجار الصنوبر الطويلة وحيدة في الرمال الحمراء، تنام في المساء على صوت البحر الهادر الذي يكسر أساسات برج فخر الدين.

ويشير إلى أن الأشخاص الذين رافقوهم طوال هذه الأيام ورحبوا بهم بحرارة، وهم في معظمهم من الموارنة، وغالبيتهم تخرجوا من الكلية اللعازرية في عينطورة أو من المدارس الأوروبية. ويقول ممتدحاً مضيفيه هؤلاء: "لا أستطيع أن أتحدث عن مدى سحري بتميزهم في الأفكار والأخلاق، من خلال هذا التزاوج الرائع بين الثقافة الغربية والنبل الطبيعي للجنس العربي". ويضيف: "الموارنة، من بين جميع عناصر المجتمع السوري، هم أول من يفرض نفسه في الخارج من خلال صفاتهم وحتى عيوبهم. يذكروننا في نواح كثيرة بالعبقرية الإغريقية"؟

الصورة
يوجين ملكيور دي فوغيه - القسم الثقافي
(يوجين ملكيور دي فوغيه)

ويقول إن هؤلاء العرب، يمجدون الخيال ويحرصون على الإدهاش في سردهم للقصص والمغامرات الشيقة، ويستمتعون بالعروض المسرحية ويصفقون لها بصخب رغم سذاجة العبارات، متحمسون، سريعون في تأليه الأشخاص، محبون للتمرد، لا يطيقون صبراً على أي نير، وحريصون على التغيير. ويلفت النظر إلى أن الموارنة وباقي المسيحيين في سورية وفلسطين لديهم قناعة بأن أعين العالم موجهة نحوهم، وأن طلقة بندقية في الجبل تحدث ضجة كبيرة في أوروبا مثل مدفع سيباستوبول. ويقول إنهم يستمدون هذا الإيمان الساذج من عنادهم وغرورهم.


أحداث 1860 المؤسفة

لا ينسى دي فوغيه الإشارة إلى أحداث العام 1860 المؤسفة التي لم تنفع التهدئة بإخماد كل الشرارات الكامنة التي تهدد بإشعال هذا الموقد النائم تحت حجاب البغضاء وعدم الثقة. ويقول: "لأبسط سبب، عند أدنى شجار، يمكنك أن تشعر بقشعريرة الغضب والرعب تعبر الجبل بأكمله".

ويعتبر أن هذه المشاعر التي لمسها عند السوريين وما جرى في السنوات الماضية يذكرانه بجو القرن السادس عشر والحروب الدينية في أوروبا؛ ويقول إنه يفهم بشكل أفضل كل ما أذهله في الحكايات المحمومة لمونتلوك أو دوبيني. ويرى أن في ذلك تكمن جاذبية السفر وفائدته، لدرجة أنه غالباً ما يعلمنا في الوقت الحاضر درس الماضي. ويؤكد أن الوقت لا يسير باتجاه واحد، إنما يتوزع باتجاهات مختلفة، و"لكن يمكننا أن نعثر لدى الشعوب البدائية أو المتأخرة منطق التاريخ ذاته".

ولكنه يعود ليقول إن حالة الغليان التي لمسها في البلد لا تتخذ شكلاً مأساوياً مطلقاً فالكلمات هنا لا تعني المعاني التي يعرفها الأوروبيون، فالحرب تسمى طلقة نارية والمذبحة تسمى طعنة. ولا ينسى أن يشيد بموقف البطريرك الماروني الذي يستحق الثناء، والنصائح الحكيمة للمبعوثين الأجانب، والتسامح الذي يضرب به المثل من جانب الأتراك، والذي سيساعد كثيراً في التهدئة المؤقتة، إن لم يكن السلام النهائي الذي يصعب تحقيقه في القريب العاجل بسبب الخلافات العميقة.


قوافل جمال على طريق ساحلي

بعد بيروت يتوجه دي فوغيه وصحبه إلى جبيل على خيول جيدة محملة بالحديد الزهر والأسلحة، وكان هدفه أن ينام ليلة في الميناء الفينيقي القديم، ومن هناك يتجه إلى كسروان في الجبل. ويبدو أن روعة الطبيعة قد أطلقت أحاسيسه لمشاعر شتى ففي كل خطوة من خطوات الحصان كان يلقي خلفة واحداً من الهموم وآخر من الأحزان، وثالثاً من بؤس الحياة الحضارية المعقدة والقلقة، التي عاشها حتى ذلك الحين كما يقول، ليدخل في حياة خالية من الواجبات والانشغالات المصطنعة، صحيح أنها قاسية على الجسد، ولكنها مريحة للنفس.

ويصادف في الطريق قوافل صغيرة على الشاطئ: مزارعون من الساحل يركبون حميرهم لنقل قصب السكر والفاكهة إلى بيروت، كاهن من طرابلس برفقة قواس بملابس مشرقة، قافلة من الجمال تتوجه إلى القاهرة على طول الساحل وصولاً إلى صحراء العريش.


جدار الذكريات

وقبل الوصول إلى وادي نهر الكلب يترك دي فوغيه وصحبه الشاطئ ليتسلقوا حافة ضيقة مقطوعة في الصخر، تطل على البحر، حيث استراحت الجيوش الآسيوية من تعبها تحت أشعة الشمس على هذه الشواطئ الجميلة. ويقول مرت كل العصور القديمة المسلحة من هنا، حيث تم حفظ كتابات قديمة على الجدار الحجري الذي نُقشت عليه لوحات محفورة واحدة بجانب الأخرى. نقوش بجميع لغات وشعارات كل الفاتحين الذين توقفوا بين معركتين في وادي نهر الكلب. كما هو الحال في النزل، يكتب المسافرون أسماءهم في كتاب، فإن كل هؤلاء السائحين الرهيبين كانت لديهم نزوة كتابة أسمائهم على هذه الصخرة. ها هم أولاً سادة أسياد العالم، الفراعنة غزاة فينيقيا القديمة؛ لا تزال رسومات توثميس ورمسيس مرئية، لمدة ثلاثين أو أربعين قرنًا؛ ثم الغزاة الآشوريون من نهر الفرات، وتجلات فليصر ونبوخذ نصر، وشخصيات يمكن التعرف عليها من خلال الرداء الطويل لملوك نينوى. وبعدهم جاء الرومان بنقوشهم الرنانة. لكن ماركوس أوليوس، وهو رجل حكيم، يتحدث عنه حجر وسط كل هؤلاء الجنود، كما وقع الخلفاء العرب الأوائل بالخط الكوفي القديم على هذه الصفحة التي لا تنسى. أخيراً، هناك نقش يرجع تاريخه إلى عام 1860 يشير إلى مرور الجيش الفرنسي الذي جاء من أجل الحضارة والعدالة، كما يقول.


في جبيل

بعد ذلك يتابع دي فوغيه ورفاقه رحلتهم إلى جبيل على الطريق الساحلي، فيصلون إليها عند حلول الظلام، وبعد تناول العشاء يذهب للجلوس تحت ضوء القمر على الشاطئ، في الميناء القديم للمدينة الفينيقية. ويقول: "ها هي جبيل الإلهية، الملاذ الغامض للعالم القديم، أخت مصر وآشور، حيث جسد أحد أقدم الأجناس البشرية، الفكرة الدينية بهذا الشكل الطبيعي".

ويبدو أن جبيل قد أوحت لرحالتنا بالكثير وجعلته يستذكر قراءاته في التاريخ القديم، فكتب: "على هذا الشاطئ الملتهب الذي تداعبه الأمواج، تستحضر أفكاري بشكل تلقائي هذا الماضي البعيد على مسرح لم يتغير. إنها ساعة الأسرار والصلاة للآلهة الليلية، العذراء القمرية، التي يشع جلالها الهادئ أمامي على الأمواج وهي تعبر ببطء مناطقها، من صور إلى البترون وتتوقف بحب على الجبل. عشتروت، إلهة الظلام المعادية والقوى المسيطرة، الموت، الظلام، البحر، عشيرا، تواصل الحياة، لذة السيادة التي تسعى لتمزيق قبر تموز وإحيائه بقبلة.. الجوقة المجنونة من النساء اللائي يبكين على تموز ويقدمن أنفسهن للإله الميت. بينما تضمحل العربدات المقدسة في الليل مع صوت الناي الباكي، الذي يوجه سكان جبيل إلى مياه النهر الأرجوانية حيث نزف الجرح الإلهي، تنحدر أصوات المدينة العظيمة من التل؛ في هذا الميناء الذي بات مهجوراً..".


إلى الجبل

مع اشراقة الصباح تبخرت أحلام دي فوغيه الذي وجد المدينة مهجورة إلا من بعض أكواخ الصيادين الفقراء المتجمعة حول الخليج الصغير، عند سفح ساحة مربعة عالية، وهي، كما يقول، عبارة عن بناء عربي مطعم بأساسات جميلة من الأحجار المتقاطعة الكبيرة. ويقول إنه عبر ورفاقه الجزء الجبلي المسمى كسروان، متجاوزين قمة صنين المركزية من عينطورة، وصعدوا عبر الهضاب المهجورة وغير المأهولة إلى نبع أفقا، حيث ينبثق نهر أدونيس فجأة من جدار صخري بين أنقاض معبد فينوس، مثل نافورة. من هذه المرتفعات، نزلوا عبر طرق الماعز، إلى وادي قاديشا الشهير، ووصلوا قرى قنوبين والديمان وبشري، حيث ناموا. وبعد ذلك تابعوا طريقهم في الجبل إلى أرز سليمان مشياً، ومن هناك انكشفت أمامهم سهول البقاع العريضة، وأطلال بعلبك، متكئة على السلسلة الهائلة من جبال لبنان الشرقية، وجبل حرمون حيث يختبئ منبع الأردن. وما وراء الجبال، سماء مضيئة وناعمة هي سماء دمشق.

المساهمون