البستاني وديباجة.. أداء بصري من الضفة الأخرى

البستاني وديباجة.. أداء بصري من الضفة الأخرى

26 يوليو 2021
جنان مكي باشو/ لبنان
+ الخط -

في عام 2018، أصدر الكاتب والناشط الأردني هشام البستاني مجموعة قصصية بعنوان "شهيق طويل قبل أن ينتهي كل شيء" عن دار "الكتب خان للنشر والتوزيع"، تضمّنت نصوصاً ترصد واقع اللجوء من خلال طرح تساؤلاته وتأملاته التي تتقصّد إحداث صدمة لدى المتلقي، مثل ما فعل في مجموعاته السابقة.

واختار لهذه الصدمة أن تعبّر عنها مناخات تقود إليها الرائحة أو الطعم، كتمثيل لحاستين غير مدرّبتين، في خيار واعٍ لاستخدامهما، حيث تنبعث الرائحة من الجموع الخائفة على متن السفينة (وهو عنوان النص أيضاً) وما تخرجه من قيء وإفرازات في رحلة هرب من أوطان باتت كالجحيم إلى منافٍ مجهولة، وتعود الرائحة مع حشود اللاجئين المصطفين في طابور لدخول الحمّام، الذي يحضر بوصفه العالم الذي نعيشه بطعم الملح أو الجحيم أو بلا طعم.

ينظّم فضاء "فن وشاي" في عمّان، عند الثامنة من مساء غدٍ الثلاثاء، عرضاً أدائياً بصرياً تحت عنوان "ساكن الضفّة الأخرى"، يقرأ فيه البستاني نصوصاً من كتابه "شهيقٌ طويلٌ قبل أن ينتهي كلّ شيء" بمرافقة تركيب بصريّ للفنان أروع ديباجة ضمن لقاءات "فن بنص الأسبوع".

تحتوي المجموعة أربعة أجزاء؛ الأول "الغرق، أو: عن حياةٍ طعمها كالملح"، وفيه يعالج البستاني مشاكل اللجوء المرّكب، والموت غرًقا في المتوّسط، والمعاملة التي يتلّقاها الهاربون ببؤسهم سواء في أوطانهم التي هربوا منها أم في تلك التي يظّنون أن فيها مستقبلهم، وفي الثاني "كتاب الرعب، أم عن حياٍة طعمها كالجحيم" يصوّر التحوّلات التي سبّبت هذا الانهيار الكبير عربياً والظروف الجحيمّية، التي تدفع الناس إلى عبور المتوسط والموت غرقاً بدلاً من الموت في نار الحروب والقمع.

قراءات من كتاب "شهيقٌ طويلٌ قبل أن ينتهي كلّ شيء" بمرافقة تركيب بصريّ لأروع ديباجة

وفي الجزء الثالث "كتاب البلادة، أو: عن حياة بلا طعم"، يتواصل العبث بمتتالياته بانتظار نهاية كارثية توشك على الحلول، أما الجزء الأخير "كتاب اليأس، أو: ملاحظاتٌ لن تفيد أحدًا" فتحضر النهاية بوصفها خلاصة التساؤلات والتأملات في كلّ ما جرى.

يكتب البستاني في المجموعة "قاتلتُ حتى النّهاية، وظلّت النجوم تنظرُ إليّ باللّمعة المرتجفة ذاتها. الريحُ كانت عطوفًا أحيانًا، لعوبًا أحيانًا، وملعونةً أحيانًا. الشمسُ ظلّت تتسلّطُ عليّ بالقسوة الليّنة ذاتها حتى بات جلدي مثل ورقة، والماءُ يضحكُ عليّ بسخريته المُرّة: محاطٌ بالماءِ من كلّ الجهات، والعطشُ يأكلُني قطعةً قطعةً مُجلِّلًا بصري بغبشٍ كالغيوم الخفيفة. لم أعُد أقوى على تحريكِ ذراعيَّ وساقيَّ، لكن سترة النجاة تُبقيني طافيًا رغمًا عنّي. لم يعُد فيّ قوّة لأفُكّها فأغرق، أو أقلب نفسي فأغرق. عليّ أن أشهدَ موتي نُقطةً نُقطةً، بالعرض البطيء".

يُذكر أن أروع ديباجة تخرّج من كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية في "جامعة دمشق" عام 1996، وتفرّغ منذ سنة 2009 للعمل في مجال التصوير السينمائي والفوتوغراف وفن الديجتال والمونتاج. أما البستاني، فيكتب القصّة والشّعر والمقالة والأشكال الهجينة والمُولَّدة، صدرت له أربعة كتب، هي: "عن الحبّ والموت" (2008)، "الفوضى الرّتيبة للوجود" (2010)، "أرى المعنى" (2012)، "مقدّماتٌ لا بدَّ منها لفناءٍ مؤجّل" (2014)، إلى جانب كتابه الأخير.

وقفات
التحديثات الحية

المساهمون