"البجعة السوداء": حين يحدس تسعة فنانين بالمستقبل

"البجعة السوداء": حين يحدس تسعة فنانين بالمستقبل

15 ديسمبر 2020
("في أعالي الضحك" لـ أحمد سلامة، من المعرض)
+ الخط -

تراكمت التنظيرات منذ القرن الثامن عشر ضمن محاولات العديد من الفلاسفة من أمثال هيوم وكانط وبوبر في استقراء الأحداث غير المحتملة وطبيعة تأثيرها بعد وقوعها، وانعكست تلك المقاربات ضمن حقول معرفية وإبداعية متعدّدة ضمن ما يسّمى بـ"نظرية البجعة السوداء".

تشكّل الفنون فضاء أكثر استيعاباً لحدوس الإنسان وقدرته على تخيّل ما لا يمكن حدوثه، بحيث تختفي الحدود الفاصلة بين الواقع والمتخيّل ضمن معادلة يسعى تسعة فنانين لتقديمها في معرض يتواصل حتى نهاية الشهر الجاري، بتنظيم من "المتحف الوطني الأردني" وسفارة كوريا الجنوبية في عمّان، ومؤسسة "المسافة الفاصلة" في سنغافورة.

الصورة
("عرض غريبي الأطوار" لـ جانغ- هو أوك، من المعرض)
("عرض غريبي الأطوار" لـ جانغ- هو أوك، من المعرض)

"البجعة السوداء: مستقبل لا يمكن التنبؤ به" عنوان المعرض الذي يندرج ضمن فعاليات الدورة الرابعة من "مهرجان فن الوسائط الحديثة" في سيول، وتستند رؤيته إلى أطروحة للباحث اللبناني الأميركي نسيم نقولا طالب حول الأحداث غير المتوقعة مع أخذه بالاعتبار عوامل تتعلّق بتدفّق المعلومات الهائلة باستمرار وزيادة سرعة الحياة، ولحظات سريعة التغير، وظروف عبثية خالية من المنطق.

الصورة
( "رجل أعمى.. طريقة مختلفة" لـ كيرا كيم إكس هيونغكو كيم)
( "رجل أعمى.. طريقة مختلفة" لـ كيرا كيم إكس هيونغكو كيم)

يقرأ الفنانون المشاركون الأثر الشديد والمركّب التي تُحدثه تلك الوقائع التي تقلب العديد من القيم والأفكار التي تخلص إليها البشرية وتدافع عنها، وهم جايووك لي، وجانغ-هو أوك، وكيرا كيم إكس هيونغكو كيم من كوريا الجنوبية، ويورش لاو من سنغافورة، وأحمد سلامة وآسيا الشيشاني وتوفيق الضاوي ووليد الواوي و"استديو 8" المتخصّص في الرقص المعاصر من الأردن.

وتتنوّع المشاركات التي تطرح تساؤلاتها حول "المستقبل غير المتوقّع" بين تركيبات فيديو، والواقع الافتراضي، والروبوت، والفن التفاعلي، والتركيبات الصوتية، والأداء الصوتي/ المرئي ، والرسوم المتحركة، وغيرها من الوسائط، التي تمّ عرضها في عمّان وسيول بالتزامن.

الصورة
(يموت فقط عندما يُنسى" لـ توفيق الضاوي)
(يموت فقط عندما يُنسى" لـ توفيق الضاوي)

يركّز سلامة في فيلمه "في أعالي الضحك" على مفارقات تدور حولنا ضمن محاولته الوقوف عند ذاك الخيط الرفيع الذي يحدّد أن يكون الشيء كوميدياً أو تراجيدياً، عبر استكشاف الوجوه البسيطة والمعقّدة للضحك وروح الدعابة وعلاقتها بالحقائق الاجتماعية والسياسية والتاريخية؛ الثيمة الرئيسية في أعماله السابقة، حيث يقدّم الفيلم خريطة متعددة الطبقات توضّح أسباب الضحك وتطوّره من زاوية شخصية تعبّر عما هو واقعي وخيالي في هذا الفعل ومفهومنا له.

الصورة
("تقرير نهاية الفن" لـ يورش لاو)
("تقرير نهاية الفن" لـ يورش لاو)

في فيلمها "أسرار تُحكى" (2020)، تتبع الشيشاني تفاعلات وحالات مختلفة تتصل بإفشاء السرّ للعالم، وكيف يتمّ إخباره أو كشفه، وكيف يتمّ تلقّيه، بينما يذهب لي في فيديو "اختبار العواطف" (2017) إلى إعادة النظر في رسالة كتبها طالب من كوريا الجنوبية شارك في الحرب الكورية، وعُثر عليها قبل يومٍ واحد من مقتله، وفهم كيفية تعدّد أشكال التعاطف مع الحادثة.

الصورة
("أسرار تُحكى" لـ آسيا الشيشاني)
("أسرار تُحكى" لـ آسيا الشيشاني)

أما أوك فيتناول في "عرض غريبي الأطوار" (2019)، الواقع الذي يتمّ توظيفه في عالم الخيال حيث يبدو أكثر تدميراً من وجهة نظر عامل يرغب في الصعود على خشبة المسرح ولكنه ينزل مفضّلاً البقاء في "قذارة" الواقع، ويقرأ كيم في إنشاء فراغي بعنوان "رجل أعمى.. طريقة مختلفة" أيديولوجيا العنف والنزاعات من خلال مقاربة العمى كمعنى مفاهيمي وجمالي.

الصورة
("عادي جديد غير مكتوب" من إنتاج "إستوديو 8")
("عادي جديد غير مكتوب" من إنتاج "إستوديو 8")

ويقدّم كلّ من المصمّم الأردني أنس نحلة والفنانة الألمانية ستيفاني مولر من "استديو 8" فيديو تحت عنوان "عادي جديد غير مكتوب" (2020)، والذي يحمل تساؤلات حول مفهوم "العودة إلى الحياة الطبيعية" بعد جائحة كورونا بما تحمله من أفكار وتشكّكات، بينما يتساءل الضاوي في فيديو "يموت فقط عندما يُنسى" (2020) إن كان سيتذكرنا أحد، ومن سيفعل ذلك في المستقبل عبر عرض منحوتات ثلاثية الأبعاد بألوان مختلطة على خلفية سوداء.

"تقرير نهاية الفن" (2013) عنوان مشروع لاو الذي يتكوّن من ثلاثة مقاطع فيديو قصيرة تظهر كقصص إخبارية، في محاولة لقياس ردود أفعال مواطنين سنغافوريين على أخبار خيالية غير حقيقية، ويتناول الواوي في سلسلة أعمال فيديو بعنوان "الاختباء 1" (2017) مفهوم الاختفاء والحضور المخادع للجسد.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون