استمع إلى الملخص
- تميزت أعمال الشرق بعفويتها ودمجها بين الرموز القديمة والطقوس الاحتفالية، مثل السيف العربي والعين والكف، بالإضافة إلى تصويره للمرأة كجزء من الطبيعة، مما أضفى تنوعاً على موضوعاته الريفية.
- انطلقت مسيرة الشرق الفنية من الريف المصري، حيث استخدم مواد طبيعية للرسم، وبرزت أعماله دولياً بفضل المستشرقة الألمانية أورسولا شيرنيغ، التي نظمت معارض له في أوروبا وأصدرت كتاباً عنه.
لم يرتبط اسم فنّان مصريّ بالفنّ الفِطري كما كان حال الراحل حسن الشرق (1949 - 2022)، الذي يعدّ مثالاً عن الاندماج الكامل بعوالم البَساطة والتراث المَحكي وسِيَر الأبطال الشعبيّين، منذ بدأ اسمُه يُعرَف في الأوساط الفنّية خلال عقد الثمانينيات حتّى رحيله. هذا الإرث هو ما استعاده "غاليري سلامة" في القاهرة من خلال معرض افتُتح في 13 الشهر الجاري واختُتم أمس الخميس، بعنوان "شرقيّات حسن الشرق".
ضمّ المعرض 30 لوحةً من أعمال الفنّان، تعكس التراث المصري بعاداته وتقاليده وحكاياته الشعبية، وكذلك المكان الذي نشأ فيه. وأرجعت إدارة الغاليري أهمّية هذه الاستعادة لـ"ما تمتاز به أعمال الشرق من عفوية، حيث نجح صاحبُها في عكس الكثير من الطقوس والرموز القديمة مثل السيف العربي والعين والكفّ، وكذلك الطقوس الاحتفالية مثل 'السُّبوع' و'الزار' وليلة الحنّة، فضلاً عن المفردات البيئية مثل الملابس التقليدية في الجنوب، والقباب التي تُميّز مباني الصعيد".
ورغم الموضوعات ذات الخلفية الريفية الواحدة التي طبعت أعمال الشرق، إلّا أن ملاحظة ملامح متنوّعة في هذا المعرض الاستعاديّ الأخير أمرٌ مُمكن، وخاصة عندما يُحيِّد الرسَّام الرِّجال عن المشهد قليلاً، ويستحضر المرأة التي تندمج بعناصر الطبيعة، فتبدو على هيئة شمس تارة، وأُخرى نلمحها من بين أغصان الشجر، قبل أن تعود لتتقاسم المشهد مع الرَّجُل.
وُلِد الشرق في قرية زاوية سلطان التابعة لمحافظة المنيا بالصعيد، حيث كبر في جوٍّ ريفيّ بعيدٍ عن الثقافة، ولم يستطع أن يُكمل دراسته، وقد استعان بأوراق لفّ اللحوم، التي كان والده الجزّار يستخدمها، ليخُطّ رسوماته الأُولى عليها، كما استخلص الألوان من الطبيعة، فأخذ الأصفر من الكركم، والبُنّي من العرقسوس، والأزرق من مساحيق الغسيل، وقدّمها بأسلوب فنّي خاص مُتحرّر من القواعد الكلاسيكية.
ظلّت تجربة الشرق حبيسة الريف المصري لأكثر من عقدين، قبل أن يلتقي الفنّان بالمُستشرقة الألمانية أورسولا شيرنيغ، عام 1985، والتي ساهمت في إخراج رسوماته إلى النور، من خلال سلسلة معارض أُقيمت في ألمانيا وفرنسا وسويسرا بين ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، الأمر الذي فتح له، لاحقاً، أبواب الصالات المصرية، كما أصدرت شيرنيغ كتاباً بثلاث لغات: العربية والألمانية والإنكليزية عرّفت فيه بعوالم الرسّام المصري.