استمع إلى الملخص
- تأسست المجلة من قبل "الآباء البيض"، وهي جمعية مبشرين فرنسية، في سياق استعماري-تبشيري، وأدارها الأب أندريه ديمرسمان لمدة 40 عاماً.
- بعد استقلال تونس، استمرت المجلة في الصدور مع تونستها تدريجياً، وتضم هيئة تحرير من باحثين تونسيين. أعيد افتتاح مكتبة المعهد في 2014 بعد حريق.
تُعدّ مجلّة "إيبلا" التونسية المتخصّصة في العلوم الاجتماعية والإنسانية أقدم مجلّة علمية في البلاد؛ حيث صدر عددُها الأوّل خلال الفترة الاستعمارية، وتحديداً في إبريل/ نيسان 1937، واستمرّ صدورها إلى اليوم، ليبلغ عمرُها 87 عاماً.
قبل أيام، أعلنت المجلّة، التي تهتمّ بالثقافات التونسية والمغاربية مع التركيز على الإثنوغرافيا والتراث اللامادي، عن إطلاق منصّة رقمية (www.ibla.tn) تُتيح للزوّار الاطّلاع مجّاناً على أعدادها القديمة والجديدة، التي تتضمّن قرابة 1400 مقال علمياً باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية. كما تُتيح المنصّة، وفق القائمين عليها، للباحثين إمكانية مشاركة مقالاتهم وتقديم كتبهم أو مراجعاتهم في أعدادها الرقمية، من خلال إنشاء طلب نشر وإرسال النصوص المقترحة للنشر.
وتأخذ "إيبلا" اسمَها من الحروف الأُولى لـ"Institut des Belles Lettres Arabes" (معهد الآداب العربية)، الذي أسّسه "الآباء البيض" الفرنسيون في نوفمبر/ تشرين الثاني 1926 بضاحية المرسى في تونس العاصمة تحت اسم "دار الدراسات"، قبل أن يُنقل إلى شارع جامع الهوى في المدينة العتيقة ويحمل اسمه الحالي ابتداءً عام 1931.
و"الآباء البيض" تسميةٌ أطلقها الجزائريون على "جمعية مبشّري شمال أفريقيا بهدف تنصير الجزائريّين والأفارقة"، التي أسّسها الكاردينال الفرنسي شارل مارسيال لافيجري (1825 - 1892) عام 1868 في الحرّاش بالجزائر العاصمة؛ حيثُ ظلّ مقرُّها الرئيسي إلى غاية عام 1952، تاريخ نقله إلى روما.
يتضمّن الرصيد قرابة 1400 مقال بالعربية والفرنسية والإنكليزية
أنشأت الجمعية فرعاً لها في تونس عام 1875. وفي هذا السياق الاستعماري- التبشيري، تأسّس المعهد الذي سيتولّى الأبُ أندريه ديمرسمان (1901 - 1993) إدارته عام 1930، ويُؤسّس، بعد سبع سنوات من ذلك، مجلّة "إيبلا"، ويتولّى إدارتها طيلة 40 عاماً.
تضمّن العدد الأوّل من المجلّة، الذي صدر في شكل نشرية مستنسخة، دراسات حول اللغة العربية الفصحى، واللهجة التونسية الدارجة، والشريعة الإسلامية، وتاريخ الإسلام، وغيرها. وفي الأعداد التي أصدرتها ابتداءً من عام 1938، باتت تُعرّف نفسها بأنّها "مجلّة تصدر كلّ ثلاثة أشهر في حوالي 80 صفحة، ولا تكتفي بنشر تحقيقات منهجية عن البيئة التونسية فحسب، بل تنشر أيضاً دراسات عن نقاط مخصوصة في علم الاجتماع والدين وحركة الأفكار وغيرها".
ستظهر المجلّة في شكل مطبوع ابتداءً من عام 1942. وفي الخمسينيات، ستعمد إلى تغيير مضامينها؛ بحذف أركان مثل "الدين" و"صفحة المستوطن" و"التحقيقات"، والتركيز على الفولكلور الذي بات، في هذه الفترة، مندرجاً ضمن حقل الإثنوغرافيا، إضافةً إلى اللسانيات، وعلم الاجتماع، والثقافة، والأدب، والتاريخ، والاقتصاد، والزراعة، والصحّة، والإسلام، والأخلاق، وكلّ ذلك وفق نهج استشراقي.
استمرّ صدور "إيبلا" بعد استقلال تونس عام 1956، وجرى العمل على تونستها بشكل تدريجي، خصوصاً بعد تولّي الأب جان فونتان (1936 - 2021) إدارة "معهد الآداب العربية" عام 1977 (استمرّ في منصبه حتى عام 1999). في تلك السنة، أنشأت المجلّة هيئةً لإدارتها، تتكوّن أساساً من باحثين وأكاديميّين تونسيّين. وتضمّ هيئة التحرير، اليوم، 14 عضواً؛ من بينهم: قمر بندانة، ونجم الدين الهنتاتي، وزينب الشارني، ودرّة الباسي، وسناء مسلمي، وحفصي بضيوفي، وهاجر خنفير، وصلاح الدين العامري، إضافةً إلى رجاء بن سلامة التي انتُخبت مديرة لها في ديسمبر/ كانون الأوّل 2023.
يُذكَر أنّ مكتبة "معهد الآداب العربية"، التي لا تزال ملكاً لجمعية "الآباء البيض"، تضمّ قرابة 30 ألف كتاب و600 دورية، وقد أُعيد افتتاح المكتبة في مايو/ أيار 2014، بعد خمس سنوات من إغلاقها بسبب حريق شبّ فيها في يناير/ كانون الثاني 2010، وأدّى إلى إتلاف عدد كبير من الكتب والصحف والمجلات والوثائق.