إننا نصغي، ويشبهنا الغناء

إننا نصغي، ويشبهنا الغناء

28 اغسطس 2021
+ الخط -

نوافذ كبيرة تذوب في الهدوء.
كأنّها
تغيب كي نعيش لحظةً جديدة.
نوافذُ خجولة،
والبَهو صوتُ أمي الرخيمُ، والرُّخام
هنا التاريخُ صوتُها.
هنا الزمان واقفاً، يحدّث السماء خاشعاً،
يعود أسطراً إلى الوراء.

مُبتلّة، 
تلك الحروفْ. 
والليل يمشي في الشوارع،
كل المفاتيح استراحت في أصابعه الشفيفة.  

قالت ممرّضةٌ، 
مشروخة من بعض الأساطير القديمة 
تَعَبُ الطريق بصوتها:
الله... يا الله...!
هيا استمري...!
إننا نصغي ويشبهنا الغناءْ،

كانت تسيل مع الهدوء. 
كانت تلوذ إلى سماوات السؤال.

نخشى من الطير المشاكس مرّةً،
فوق أشجار الصنوبر، 
نخشى طبيباً يابساً،
مثل العقاقير الصقيلةِ،
أن يمرّ بنهرِنا،   
نخشى انكسار جذوعنا،
نخشى الرذاذْ،
نخشى
من الكَعب المفرقِع والمُخربِش في الهواء. 
نخشى التربُّص في البياض. 
نخشى من الصُدف التي،
نخشى الفجاءات التي.

قالت بدون حضورها،
كانت تسيل ولا شتاء.

الصمت يجلس في ملامحها، وكانت.
هي فكرةٌ تمشي على رأس الأصابع أو تحاول.

الوقت ليل،
والردهة السَمحاء جالسة تُعيد صلاتها.

ألقتْ ممرّضةٌ دفاترها وسارتْ نحو غيب، كانَ أمّي، 
هذي المسافة أقربُ الأحلام منّي، قالت وغابت بين أخيلة
وأيّامٍ كثيرة.

سارت وكانت
تستجمع الخيبات، تسترخي،
نحن الضحايا والشظايا، كنّا نضمّد ما استطعنا.
كنّا نعبّئ كلّ صدوعنا بالمفردات الفاحمات.

في الليل صوتٌ قد تسرّب واضحاً،
قالت ممرّضةٌ، 
الضوء منسكبٌ علينا، 
والباب،
نصفُ الباب مفتوحٌ،
ونصفٌ كان يأخذه الغناء أو التبتّل في الكلام:
هيا استمرّي،
قولي حطامك، فالبهو يحفظ سرّنا،
قولي حطامك إننا،
نحن التشابهُ في الحطامْ.

مُبتلَة تلك الحروف،
والسقف يجلس فوق أغنية معاتِبة،

وأضاف سطراً في البداية،
دوماً ينام المتعبون ولا تنام.


* شاعر من فلسطين

نصوص
التحديثات الحية

المساهمون