إدمون صبري.. مئوية صاحب "حصاد الدموع"

إدمون صبري.. مئوية صاحب "حصاد الدموع"

09 ديسمبر 2020
("منظر على نهر دجلة"، للفنان العراقي أكرم القيماقجي)
+ الخط -

تعود بدايات السرد في العراق إلى مطلع القرن الماضي بصدور أولى المحاولات الروائية والقصصية مع محمد يوسف الكيلاني ومحمود أحمد السيد وذو النون أيوب، لكن نضوجه تأخّر حتى عقد الخمسينيات مع صعود أسماء مثل غائب طعمة فرمان وفؤاد التكرلي وآخرين.

في هذه الفترة أيضاً، برز القاص والكاتب المسرحي العراقي إدمون صبري (1921 – 1975)، الذي تحلّ مئوية مولده مطلع الشهر المقبل، وهو أحد روّاد الواقعية الذين سعوا إلى تخليص أعمالهم من البلاغة اللفظية والاقتراب من مفردات الحياة اليومية عبر تقديم حكايات راهنة تنتمي إلى المجتمع العراقي.

لم تجتذب نصوصه بعض النقاد العراقيين الذين اعتبروا أن سرد الحدث لديه يغلب على الجانب الفني، مقابل آخرين ذهبوا مذهباً مختلفاً، ومنهم الشاعر فوزي كريم (1945 - 2019)، الذي رأى في كتابه "إدمون صبري: دراسة و مختارات"، أنه استطاع أن يعكس عصره وبيئته، من خلال شخصياته البسيطة والهامشية التي تخوض صراعاً اجتماعياً، وتصويره همومهم ومشاكلهم، وقدرته على تنويع أنماطه في القص.

يعدّ من أبرز رموز الواقعية في السرد العراقي منحازاً إلى المهمشين في المجتمع

ولد صبري في بغداد لأسرة لا صلة لها بالأدب والثقافة، وبدأ قراءاته في مرحلة مبكرة، حيث تعرّف إلى جبران والمنفلوطي ومحمود تيمور ونماذج من الأدب الفرنسي، ثم تيارات الواقعية في الأدب الروسي خلال القرن التاسع عشر، ونال درجة البكالوريوس في الاقتصاد عام 1951، وكان ينشر نصوصه في الصحافة خلال دراسته الجامعية، ومنها "ماكو شاغر"، الذي ظهر على صفحات جريدة "صوت الأحرار" سنة 1948.

في عام 1952، أصدر مجموعته القصصية الأولى بعنوان "حصاد الدموع"، محاولاً تتبّع حياة الأفراد البسطاء والساذجين وقليلي الحيلة، والذين شكّلوا نماذج أساسية في أعماله التي أظهرت ميوله اليسارية، وسبقت ثورة تموز/ يوليو عام 1958، ووصول عبد الكريم قاسم إلى الحكم، قبل أن يتعرّض إلى لاعتقال والفصل من وظيفته في "البنك المركزي العراقي" على يد الانقلاب الذي قاده عبد السلام عارف عام 1963، حيث توقف عن النشر حتى عام 1967.

الصورة
(إدمون صبري)

وتوالت قصصه ومسرحياته التي تحوّل بعضها إلى أعمال سينمائية، ومنها "شجار"، التي قدّمها إلى السينما كاميران حسني في فيلم "سعيد أفندي" عام 1957، ويروي من خلال قصة سعيد أفندي زيف أهالي الحي الذين يضمرون السوء له ويتظاهرون بالحب، وكذلك فيلم "من المسؤول"، الذي أخرجه عبد الجبار توفيق ولي، وتدور أحداثه حول عامل يحب زوجته حبًا جمًا، ولكنها تصاب بمرض عضال، وينقلها إلى المستشفى في ساعة متأخرة من الليل ويطلب من الطبيب المناوب معالجتها، لكن الطبيب يقف موقفًا سلبيًا، ما يدفع ذلك العامل وفي حالة من ثورة عارمة من الغضب، يعتدي على الطبيب ويتسبب في مقتله.

كان صبري يغطي نفقات الطبع (أو جزء منها) من الإعلانات التي ينشرها داخل كتبه، كما كان يوزّع نسخاً منها بنفسه على القراء، ومنهم الكتّاب الأوروبيون المقيمون في بغداد، والذين ترجموا بعض نصوصه إلى لغاتهم، وظلّ محافظاً على نزعته نحو التغيير الاجتماعي والعدالة كما يتبيّن ذلك في "حكايات عن السلاطين" الذي صدر بجزأين (1969/ 1973).

من بين مجموعاته القصصية: "المأمور العجوز" (1953)، و"قافلة الأحياء" (1954)، و"كاتب وارد" (1955)، وخيبة أمل" (1956)، والخالة عطية" (1958)، و"في خضم المصائب" (1959)، و"هارب من الظلم" (1960)، و"ليلة مزعجة" (1960)، و"خبز الحكومة" (1961)، و"عندما تكون الحياة رخيصة" (1968)، و"أقاصيص من الحياة" (1970)، إلى جانب نصوصه المسرحية: "هارب من المقهى (1955)، و"الست حسيبة" (1959)، و"محكوم بالإعدام" (1960)، و"أديب من بغداد" (1962).

المساهمون