أن تتركَ علامةً

أن تتركَ علامةً

05 فبراير 2021
عمل لـ خليل الغريب
+ الخط -

على مأدُبة أفلاطون، في انتظار سقراط كان أغاتون الشاعر يعدّل جلستَه متخذاً وضعيّة الإناء الفارغ لكي يمتلئ بما يَنسَكِب من حكمة المُعلّم.

لكن سقراط لم يكن إبريقاً يصبّ الحكمة في الآخرين بل عاشقاً غريقاً في حبّ الحقيقة. كان يتملّص ساخراً من طلب أغاتون ويستأنف أسئلته المحيّرة عن الحبّ والجمال. كان المعلّم سقراط نبعاً فلسفيّاً يتدفّق عطشاً وماكينة شوق للحقيقة لا ينفد وقودُها. 

الحقيقة التي هي، كما المَحَبّةُ في تعريفها الأفلاطونيّ، بنتُ الفَقر، أي وليدة الرّغبة المتأتّية عن الإحساس بالنقصان.
كان يمشي في الأرض سائلاً ومتسائلاً ويبثّ في تلاميذه الشوق للحقّ والحقيقة.

أن تكون معلّما يعني أن تكون رسولَ الشوق.
أن تكون معلّماً يعني ان تترك علامةً!
أن تحفرَ أثراً، وأن ترسمَ وشماً لا يمّحي في الكينونة.
ذلك الوشم هو اشتهاء المعرفة كمرادف لاشتهاء الحياة.


* شاعر واختصاصي نفسي عِيادي من فلسطين

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون