أنطولوجيا فرنسية للقصة العراقية المعاصرة

19 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 05:03 (توقيت القدس)
تمثال شهرزاد وشهريار في بغداد للنحات العراقي محمد غني حكمت، 2022 (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- "بلد متنقل: أنطولوجيا القصة القصيرة العراقية المعاصرة" يقدم 15 نصاً عراقياً مترجماً إلى الفرنسية، يعكس تعبيرات فنية عن واقع العراق المعقد، بعيداً عن السرد التقليدي، ويعيد تركيب الواقع في ثيمات أسلوبية تعكس العبث والغرائبية.

- الأنطولوجيا لا تقدم العراق ككيان جغرافي، بل كتجربة غنية بالذاكرات والتجارب، حيث يواجه الإنسان التاريخ، مع التركيز على الكتّاب الأحياء وتنوع تجاربهم في ظل الحرب وفقدان الأمل.

- تضم الأنطولوجيا كتاباً مثل إنعام كجه جي ومحسن الرملي، الذين يستخدمون السريالية والواقعية لتكثيف الواقع العراقي، مما يتيح للقارئ استكشاف الأدب العراقي بعمق.

لم تنشغل القصة العراقية المعاصرة بالاسترسال السردي الذي يحكي قصةَ بلدٍ خرجَ من حُكم نظام البعث، ودكتاتوريّة صدام حسين، إلى الاحتلال وعمليات التفجير والعنف الطائفي. إنّما ما شغل القصة العراقية هو التعبيرات الفنيّة عن هذا الواقع، الذي يبدو القصُّ عنه مجرَّد استدانة ممّا فتكَ بالحياة ومصائر البشر من قسوة وفساد. نماذج عدّة اختارها وترجمها وقدّم لها فايز بيضاني، في كتابه "بلد متنقل: أنطولوجيا القصة القصيرة العراقية المعاصرة" (دار لو ليس بلو، 2025)، في أول مختارات قصصية عراقية تصدر بالفرنسية وتجمع 15 نصاً، لا تظهر القصة العراقية، مصارحةً للواقع، إنما إعادةُ تركيبٍ له، تدخلٌ فيه، أو إسهامٌ في إعادة إخراجه في ثيمات أسلوبية، تأخذ جزئيات من مشهد أعم، لتكون أقرب لمنمنماتٍ عن العبث، والغرائبية، حيثُ تتمثل الوقائع العراقية، في الكوابيس، وفي اللحاق بالنُدب، وفي التئام ما تكسَّر من الانتماء.  

لا تقدم الأنطولوجيا الفرنسية للقصة العراقية العراقَ كياناً جغرافياً يمكن لقصة واحدة أن تلخصه، بل تقدمه تجربةً تنطوي على تجارب، وذاكرةً تنفتح على ذاكرات، لشخصيات عاشت في العراق، وأخرى خرجت منه، لكنّها حملت العراق معها. والأنطولوجيا، وفقَ تقديم الناشر، دعوة لاكتشاف الأدب العراقي، حيث "الإنسان في مواجهة التاريخ". 

اقتصر اختيار المترجم على الكُتّاب الأحياء، ممّن يكتبون فن القصة القصيرة، مع تنوع التجارب التي يعرضها، وتفاوت أعمار الكتّاب، وتقاسم الموضوعات التي تبحث عن تمثيلٍ للكتابة من داخل شرط الحرب، بما تتضمنه من فقْد البشر لممكنات عيشهم، أو لمفاتيح مستقبلهم. 

مختارات تبحث عن تمثيلٍ للكتابة من داخل شرط الحرب

الكتّاب المشاركون وفق الترتيب الأبجدي: إنعام كجه جي، وبثينة الناصري، وتماضر كريم، وزهير كريم، وسعدون جبار البيضاني، وضياء جبيلي، وعبد الأمير المجر، وعبد الهادي سعدون، وفيء ناصر، ولؤي حمزة عباس، ومحمد خضير، ومحسن الرملي، وميسلون هادي، ونزار عبد الستار، ونواف خلف السنجاري. 

لا تعدو القصة العراقية هنا كونها تكثيفاً للواقع واختصاراً لمآله، فالواقع يظهر باعتباره إلهاماً، أو إفساحاً لما هو سريالي، كما في قصص ضياء جبيلي، أو إفصاحاً لما هو مضمر في تعميمات العنف، وذلك عبر رصد عوالم لا نراها، بل نشعر بها داخل طبقة من طبقات الواقع، مع ما يشف عنه من قسوة وانغلاق آفاق، مثلما تصوّرها إنعام كجه جي، التي تأخذ القصص الحقيقية لبشر تعرفهم إلى عالم القصّ المتخيّل. في المقابل، يظهر في قصة محسن الرملي اجتهادٌ آخر، مختلف، باستخدام الواقعية، ووضعها في حقلٍ دلالي، يوسع ممكنات وصولها إلى القارئ. 

تبقى الأنطولوجيا هذه جانباً اختاره بيضاني كي يكون إطلالة على متن أكثر شمولاً من السرد العراقي، وقد قدّم للمختارات بمقدمة عن تاريخ القصة القصيرة في العراق.

المساهمون