أسبِكُ ذهَبكِ في العتمة

أسبِكُ ذهَبكِ في العتمة

09 ابريل 2021
عناية البخاري/ سورية (جزء من لوحة)
+ الخط -

أرضٌ بلونِ الحُزن

حينَ تنفُقُ غيمةٌ
فوقَ شعرِكِ
يتبلّلُ قلبي.
الخنجرُ الذي يجوسُ الأعماقَ
وينهشُ رحمَكِ
بالأسى والذّابح
تستغيثينَهُ:
"لا تُغمدْهُ فيّ".


■ ■ ■


أرضٌ بلونِ النّأيِ

تحملُكِ الرّيحُ
على أكفّ الحنطة
وتبذركِ
بعيداً،
قريباً
مِنْ سُعالِ الرّوحِ.
وظلُّكِ يتقلّصُ
فيَّ.


■ ■ ■


أرضٌ بكُحلِ الضّياع

الشّعرُ مقلوباً كذلك،
حيثُ السّرُّ يُفشي الجسدَ
بالذّنوب والكرز،
والخطايا تجهشُ بتعثّر القلبِ
في انتحارِ الوقتِ
مِنَ زاويةِ الأفق
ذاتِها.

تخرجُ الأرضُ منَ المرآةِ
وتنتحرُ على الحائطِ
الباردِ
القلبُ يتبعُها
ويتلاشى الضّوءُ.


■ ■ ■


زجاجُ الأيّام

أفي كلّ هذا اليبابِ
ما يطحنُ الأيّام
بِرَحى النّكرانِ
وضَلالِ الخزفْ؟
أرى الأرضَ
على قشرةِ السّماء الزّجاجيّة
انعكاساً
وفضاءً 
داخلَ هذا اليبابِ.

لا أبدو خائفًا
على أيّ حال!


■ ■ ■


الولادةُ منْ خاصرة الأرضِ

صخورُها،
شاماتُكِ النّافرة.

بحارُها،
ماؤُكِ الذي يسحقُ الولادة.

ترابُها،
معدنُكِ المنتحرِ على الرّخام
يعذّبُ أصابعي.

طيورُها
شجرُها
وردُها
ورقُها الذّابلُ،
جنّتُكِ في مرايا روحي
وفأسٌ مخلبيّةٌ على غصنِ البَوْحِ
تقطعُ ما يقطعُ قلبي
مِنْ غاباتٍ وشجون.

والأرضُ في خاصرةِ الشّاعرِ
خواتمُ
وأجراسٌ صمّاء 
تسمعُ خفقانَ قلبِكِ.


■ ■ ■


حين علّقتُ الهواء

1

أقومُ بتطهيرٍ عِرقيٍّ 
للنّمل
وأطفالي يشهدون المجزرة.

2

كان النّملُ ينوحُ
على ضحاياه
ويكتبُ روايته!

3

نملكُ مهاراتٍ قتاليّةً
عالية
في قصفِ الذّباب.

4

أيّهما أصدق
حجر القرية
أم
حجر المدينة؟

5

على شجرة الخوخ
تولدُ الشّمسُ
ونهدها العالي.

6

اللّيمونةُ
تُلقي مشاعرها كاملةً
قبل أن تتعفّن.

7

لمْ أكنْ أحتاج
أكثر من نُعاس الحديقة
لأحلم.

8

لمْ أرَ باباً يبكي،
لكنّي رأيتُ بابَكَ
يخسرُ المعركة.

9

ينظرُ الحقلُ إلى السّماء،
تُهديه 
غيمة.

10

السّلحفاة أسرعُ
من الشّعر،
لأنّ قوقعتها أخفّ.

11

حبلُ الغسيل
أصبح مكاناً صالحاً
لتعليقِ الهواء.

12

يؤلمني أن أدوس
رسالةً قديمةً
فأُثلم.

13

في اختراق الضّوء
للفيتراج،
يسقط قلبي 
على السّيراميك.

14

السّماءُ تناقضٌ،
والأرض معلّقة
بعنايةٍ
في هُدبِكِ.


■ ■ ■


الجرعة الزائلة للّيل الذي بيننا

1

ليلُها المتهدّجُ
يعرّي 
الكتمانَ
ويمسحُ الرّتوشَ
عنْ جفونِ النّهار.

2

قمحُها دليلٌ
وخيولُ الضّوءِ
نكرانٌ.

3

ارفعي 
غيمةَ اللّيلِ
عن ساقك
كي أبوحَ لك
بخطبٍ عمياءَ
وأهديكِ خواتمَ الفجر.

4

لمْ يبدّلِ القمرُ
مكانَهُ
جهاتُنا شرذمتْها
الدّروبُ المثقوبة.

5

تحتَ جلدك
ترقدُ الحقيقة
ورايتي
وهزيمتي
وبوحُ الذّبولِ
وكرزُ الثّلاثينْ.

6

ضوؤكِ 
دليلُ أصابعي
في الطّريقِ
لانتحارِ القمصان
والتّوبة.

7

في جمجمة شاعرٍ
يحلمُ
بساعةِ حبّ
تتعرّى ذبذبات قلبي الكهربائيّة
الكيمياءُ
مصباحي
الذي يشتهي عتمتك.

8

حينَ أسبِكُ 
ذهَبكِ في العتمة
أرى فتنتكِ
في مرايا
جنوني.

9

أرسمكِ بالكلمات
جسدًا، ضَلالُ النّمور يمسُّ زغبَ الوعول
وأضيءُ مصابيحَكِ
بشراييني النّافرة.

10

الجدرانُ
المدنُ
غربةُ التّأويل
غيابكِ
غيابكِ قنديلٌ
وقلبي زيتٌ
لجنّةِ الرّؤيا.

11

أمسُّ 
ما لا أمسُّ

وقلبي
زُجاجُ المعنى الدّاكن.

12

أريد أن أعلّم
جسدي
كيف يصيرُ ورقةً صفراء
ترحل مع الرّيح.

13

جمعَتْنا الجراحُ
وفرّقتنا
الجراحُ.

14

جسدي شجرةٌ موسميّة
وجسدكِ حقلٌ
كلّ العام...

15

ليتَنا عتمةٌ مزمنة
فلا زيتي مباركٌ
ولا شفتاكِ ذبولٌ
واللّيلُ الذي بيننا
برقٌ ينزُّ بالنّحلِ والفضّة.


* شاعر من فلسطين

نصوص
التحديثات الحية

المساهمون