أحمد إبراهيم أبو شوك.. تاريخ اتفاقيات السلام في السودان

04 فبراير 2025
يطرح الكتاب إشكاليات تحوّل الحركات الطرفية المطلبية إلى مسلحة
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يستعرض الكتاب تاريخ اتفاقيات السلام في السودان، مع التركيز على اتفاق جوبا 2020، وتحليل تطور الحركات المسلحة ومطالبها في السلطة والثروة والتنمية، وتأثير القوى الدولية والمشكلات التي واجهتها الاتفاقيات السابقة.
- يعتمد المؤلف على منهج تاريخي - تحليلي لدراسة اتفاق جوبا، مشيرًا إلى نقص التحليل الأكاديمي حوله، ويناقش فرضيات أكاديمية حول الاتفاق وتحدياته، مثل عدم تجانس الفاعلين السياسيين وتأثيره على الانتقال الديمقراطي.
- يتكون الكتاب من ستة فصول، تبدأ بالجذور التاريخية للحركات المسلحة، وتتناول القواسم المشتركة بين الاتفاقيات السابقة، وتحديات تنفيذ اتفاق جوبا، ويختتم بملاحق تحتوي على وثائق الاتفاق وتعليقات من شخصيات بارزة.

عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر كتاب "اتفاقيات السلام السودانية (1979-2020): دراسة تحليلية ووثائقية لاتفاق جوبا لسلام السودان" لأستاذ التاريخ الحديث والمعاصر والباحث السوداني أحمد إبراهيم أبو شوك.

يتناول الكتاب تاريخ اتفاقيات السلام التي عُقدت في السودان، بين الحكومات المتعاقبة والحركات المطلبية المنادية بحقّها المشروع في الثروة والتنمية، والتي لم تلبث أن تحولت إلى مسلحة، وما شهدته تلك الفترة من شدٍّ وجذب، وكرّ وفرّ، وفشل ونجاح، إلى أن تُوِّجت باتفاق جوبا عام 2020 بعد إسقاط حكومة "الإنقاذ" في عام 2019، وهو الموضوع الرئيس للكتاب بحثاً ونقداً وتحليلاً.

يستعرض المؤلف، وفقًا لمنهج تاريخي - تحليلي، اتفاق جوبا من خلال نص الوثائق، طارحاً إشكاليات تحوّل الحركات الطرفية المطلبية إلى مسلحة، ويتناول مطالبها في السلطة والثروة والتنمية، وطبيعة اتفاقياتها السابقة مع الحكومة وقواسمها المشتركة مع اتفاق جوبا، والمناخ السياسي الذي كُتبت فيه، والمشكلات التي واجهتها، ويحلل محتوى الاتفاق وهيكليته في ضوء المصطلحات والمفاهيم والعبارات المفتاحية المستخدمة، ويستأنس بدراسات سابقة تناولت الاتفاق واتفاقيات سلام قبله، كاتفاقية أديس أبابا (1972) والخلاف حول أسباب فشلها، واتفاقية ديسمبر 2005، واتفاقية السلام الشامل (2005) التي حظيت بنودها باهتمام أدبي وأكاديمي وصحافي واسع (لتناولها موضوعات الإثنية، والقومية، والدولة الإسلامية والانتقادات ضدها، والدولة العلمانية، وحق تقرير المصير الخارجي [الانفصال] والانتقادات ضده، والداخلي [الحكم الذاتي]، والمواطَنة)، واتفاق سلام شرق السودان (2006)، واتفاقية دارفور (وهي ثلاثة اتفاقات: اتفاق أبوجا في عام 2006، وحوار دارفور – هايدلبرغ في عام 2009، ووثيقة الدوحة لسلام دارفور في عام 2011)، ونقاط قصورها التمثيلي، وجداولها الزمنية، كما يتناول تأثير الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الغربيين في الأطراف السودانية، والانتخابات الديمقراطية وغير ذلك.

يستعرض المؤلف، وفقًا لمنهج تاريخي - تحليلي، اتفاق جوبا من خلال نص الوثائق

يلحظ المؤلف أن الاهتمام باتفاق جوبا لسلام السودان كان صحافياً وسياسياً، ولم يُمنح القدر الكافي من التحليل الأكاديمي. ومن ثم، يتعرض لأهم الفرضيات الواردة في دراسات أكاديمية تناولته موضوعيًاً، كالقائلة إنه خطوة "براغماتية" نحو تحقيق السلام، لكنه ليس شاملاً جذورَ المشكلة وأصحابَ المصلحة كافةً في المراكز والأطراف، وإن تقاسم السلطة المطبَّق في العالم منذ الحرب العالمية الثانية يمكنه تحقيق السلام وليس الديمقراطية، ودراسة أخرى افترضت أن متقاسمي السلطة بعد سقوط حكومة الإنقاذ كانوا فاعلين غير متجانسين في إدارة البلاد، ودراسة ثالثة وضعت فرضية توفير التقاسم "الشامل" فرصًا أكبر لإنجاح المرحلة الانتقالية والحدّ من عودة حكومة الإنقاذ في موضع شك، لأن تقاسم السلطة بعد الإنقاذ لم يكن شاملاً، إذ استَخدم المكوّن العسكري الشراكة مع أطراف سلام جوبا لحسم صراعه مع قوى إعلان الحرية والتغيير، كما رفض اتفاقَ جوبا مكوّنان أساسيّان وعارضته نظارات البجا والعموديات المستقلة في شرق السودان، مع توقّع الدراسة أن يؤدي فشل الانتقال السياسي إلى مزيد من تفكك الدولة السودانية. وطرحت ‏دراسة رابعة سؤالاً تأسيسياً عن التحديات التي تواجه اتفاق جوبا، وأسئلة فرعية عن مدى استجابة نقاطه البارزة لمطالب الحركات المسلحة، ومستقبل السلام الناتج منه، وسيناريوهات نجاحه أو فشله، وكيفية تأثيره في عملية الانتقال الديمقراطي. 

وتناول المؤلف ثماني مقالات حول السودان نُشرت في صحيفة إلكترونية بعناوين متسلسلة، تبحث مفهوم التهميش وكيفية تراكمه، ومساهمة هذا التراكم في الغضب والدعوة إلى تغيير الأوضاع، وتنتقد فكرة حل قضايا التهميش بتقديم البُعدين الجغرافي والإثني على القومي، لأنه حل لا يُنتج اتفاقًا شاملًا ومرتبطًا بجذور المشكلات، بل يثير عداوات ويمزّق الوحدة ويجعل للقبلية والإثنية والمناطقية اليد العليا.

انتظم الكتاب في ستة فصول متسلسلة، بدءًاً من الجذور التاريخية للحركات المسلحة في السودان، وصولاً إلى تحديات تنفيذ اتفاق جوبا. فيبدأ الفصل الأول بإلقاء الضوء على خلفية الحركات المسلحة في جنوب السودان ودارفور وشرق السودان وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، ونشأتها وعلاقاتها بالمركز، وكيف تحوّلت إلى حركات مسلحة. 

يتناول الكتاب تأثير الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الغربيين في الأطراف السودانية

ثم يتناول الفصل الثاني القواسم المشتركة ونقاط التعارض بين اتفاقيات السلام المعقودة في السودان وخارجه بين عامَي 1972 و2020، وما احتوت عليه من نماذج لتقاسم السلطة، ودور الوسطاء الأجانب فيها. 

أما الفصل الثالث فيستعرض المناخ السياسي المؤثّر في نصوص المفاوضات الدستورية واختيار الوفود، وآليات الحوار، وتأثير الدوافع السياسية في مخرجات التفاوض، وإجراءات بناء الثقة في إعلان جوبا. في حين يناقش الفصل الرابع مرحلتَي الإعلان السياسي لإجراءات بناء الثقة (2019) أولاً، وتوقيع اتفاق جوبا (2020) ثانيًا، والمسائل الإجرائية فيه، والتحديات التي واجهت طرفَيه، ووساطة دولة جنوب السودان، ومواقف معارضيه. ويتناول الفصل الخامس اتفاق جوبا شكلاً (هيكلية اتفاقيات المسارات الخمسة والترتيبات الأمنية، وعناوين فصول الاتفاق وبنوده) وموضوعاً (مناقشة جذور التهميش، ومعايير قسمة السلطة والثروة، وإعادة توطين المهجرين، ولجان تنفيذ الاتفاق). وأخيراً، يناقش الفصل السادس تحديات تنفيذ اتفاق جوبا، وسبل تجاوز المسارات الجغرافية والمحاصصات السياسية لتأمين إجماع حول القضايا الكلية وآليات تنفيذها، وإشعار الجميع بأنهم شركاء في السلام والبناء.

أفرد المؤلف الملاحق لوثائق اتفاق جوبا لسلام السودان التي استمدّها من رئيس المفوضية القومية للسلام في حكومة جمهورية السودان سليمان ‏محمد الدبيلو، الذي شغل الحديثُ عنه ومعه (في مقابلة تناولت المفاوضات وآلياتها ونتائجها) حيزًاً مهمّاً من مادة ‏الكتاب، الذي مرَّت مسودات مراحل كتابته المختلفة تحت أنظار العديد ممن أفادوا مؤلّفه بملاحظاتهم وتعليقاتهم التي ‏يصفها بـ "القيِّمة"، ومنهم الدبيلو الذي كان آخرهم، فأضاف إلى مسودته النهائية تعليقات ساهمت في تقويم بعض نصوص الفصل ‏الأول، إضافة إلى رئيس قسم الشؤون الدولية في "جامعة قطر" بهاء الدين مكاوي محمد قيلي، الذي زوّد المؤلف بتعليقات ‏مفيدة، كما كان لباحثي "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" دور الإشراف على تحكيم المخطوطة، وأبدوا ‏ملاحظاتهم التي ساهمت في تطوير بعض جوانب المخطوطة وإخراجها في شكلها النهائي‎.‎
 

المساهمون