"نساء الجزائر" لـ بيكاسو: تحرير المرأة من الاستعمار

"نساء الجزائر" لـ بيكاسو: تحرير المرأة من الاستعمار

07 ابريل 2021
(لوحة من سلسلة "نساء الجزائر" لبيكاسو)
+ الخط -

في عام 2013، أطلق "متحف بيرغروين" في برلين مجموعته الخاصة من المقتنيات التي تحمل عنوان "بيكاسو وزمنه"، وتضمّ حوالي مائة وعشرين عملاً تمثّل المحطّات الأساسية في تجربة الفنان الإسباني (1881 – 1973)، والتي يعاد عرضها بين فترة وأخرى.

بدءاً من السابع من الشهر المقبل، يعرض المتحف سلسلة "نساء الجزائر" التي بدأ بابلو بيكاسو برسمها شتاء عام 1954، وتتوزّع لوحاتها على عدد من متاحف العالم، ويتواصل المعرض حتى الثامن من آب/ أغسطس المقبل.

استندت السلسلة إلى رسوم الفنان الفرنسي أوجين ديلاكروا الشهيرة لنساء جزائريات في مسكنهن في بين عاميْ 1834 و1849، حيث أمضى ثلاثة أشهر يدرسها من منظور مختلف لينفّذ خمس عشرة لوحة زيتية وأكثر من مائة رسم من التخطيطات والمطبوعات، وقام بتغيير ترتيب أشكال ديلاكروا إلى حدّ التشويه التشريحي. 

بعض هذه اللوحات مليئة بالألوان النابضة بالحياة والمنحنيات الناعمة، بينما يذكّر بعضها الآخر بالمرحلة التكعيبية ذات الحواف الحادة بدرجات اللون الرمادي، لكن تنوّع المراجع البصرية وتعدّدها يجعلان من هذه السلسلة من أهم اللوحات التي توضح إمكانات الرسم.

الصورة
(البورتريه الذي رسمه بيكاسو للمناضلة جميلة بوباشا)
(البورتريه الذي رسمه بيكاسو للمناضلة جميلة بوباشا)

 

أراد بيكاسو تحرير المرأة في هذه اللوحات من النظرة الإيكزوتيكية التي رأى خلالها ديلاكروا النساء، ورسمهن بعد حوالي أربعة أعوام من استعمار فرنسا للجزائر؛ أي 1834، بينما رسم الثاني النساء في أثناء حرب التحرير التي أيّدها، وأنجز رسمه للمناضلة الجزائرية المعروفة جميلة بوباشا.

يركّز النقّاد ومؤرخو الفن على تعامل الفنان الإسباني بوحشية مع الجسد الأنثوي ممزقاً إياه على الطريقة التكعيبية، في إشارة إلى العنف والانتهاكات التي مارسها الاحتلال الفرنسي على النساء الجزائريات اللواتي تعرّضن للتعذيب والسجن والاغتصاب، وكأن الجسد يقاوم بعرّيه وتشظيه.

ويذهب البعض إلى اعتبار لوحاته استشرافاً لمرحلة أتت لاحقاً، وتمثّلت بحمل المناضلات القنابل للتضحية بأنفسهن خلال المعركة، إذ سمّين "جيل النار"، كما أن بيكاسو قام مع أسرته أيضاً بإيواء المجاهدة لويزة إغيل أحريز وإخفائها في منزله العائلي بباريس بعد تحررها من سجن، كما قام بيكاسو بإهدائها شالاً تعبيراً عن تقديره لنضالها.

يُذكر أن المتحف الذي يحمل اسم مقتني اللوحات الألماني هينز بيرغروين (1914 – 2007) يضمّ أعمالاً لبيكاسو جمعها صاحبه على مدار أربعين عاماً، وتمّ الكشف عنها لأوّل مرة عام 1996.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون