"عُهدة النساك": روابط الحكمة والسرد

"عُهدة النساك": روابط الحكمة والسرد

09 ابريل 2021
صلاح شاهين / الأردن
+ الخط -

يمثّل كتاب "عُهدة النساك" الذي وضعه الكاتب والطبيب وعالم الفلك، بطرس ألفونس (القرن الثاني عشر ميلادي)، بحراً صبّت فيه أنهار الحكمة من ثقافات عدة تقاطعات في الجزيرة الإيبيرية في بدايات الألفية الثانية.

وعلى الرغم من الأثر العربي البارز فيه، فقد كان العرب يحكمون جزءاً من إسبانيا وقتها، فإن هذا الكتاب بقي شبه مجهول عربياً؛ إذ لم يحظ بعناية المترجمين والدارسين، ربما لأنه كتب بلغة ميتة اليوم هي اللاتينية.
 
منذ أيام، صدر عن "دار الرافدين" (بغداد) كتاب "عُهدة النُسّاك.. كتاب الحكايات المشرقية"، بترجمة وتحقيق ضياء حميو، وهي أولى ترجمة عربية للنص، وقد اعتمد فيها على النسخة الإنكليزية.

يقول الناشر في التقديم: "كتاب الحكم والمواعظ والحكايات المعروف باسم (Disciplina Clericalis) أو نسخته العربية هنا "عُهدة النساك" ترقى به إلى مصاف النص اللاتيني نفسه. مجموعة من الحكايات التي انتشلت من الكتب السردية العربية أو من طيات كتب الأندلسيين، أو ما وصلهم من المشرق تحديدا، أو ما كان يتناقله العامة من مرويات شفاهية متغيرة ومتطورة كحال كل حكايات العوام ومجتمعاتها".

يعدّ هذا الكتاب أحد أكثر الكتب تأثيرا في أوروبا المعاصرة، حيث أثّر في أنماط السرد وفي كيفية بناء النصوص وزوايا النظر إلى الأشياء، وهو أحد أوائل الكتب التي جاء فيها ذكر "ألف ليلة وليلة"، كما نجد فيها آثاراً أخرى لمؤلفات شرقية كبرى مثل "كليلة ودمنة" و"السندبادنامة".

بذلك يكشف الكتاب عن تهافت التقسيم شرق/ غرب، حيث يظهر أن كلا الطرفين مساهم في بناء صورة الذات والآخر. ويُعدُّ كتاب "عهدة النساك" أحد أركان بناء السردية العالمية، حيث أن تجاوز التقسيمات هو شرط العالمية.

الصورة
كتاب عهدة

يرى محقّق الكتاب ومترجمه أنه لولا الكتب الشرقية وأبرزها "ألف ليلة وليلة" من جهة، وكتب ذات أفق عالمي تنهل من الأولى مثل "عهدة النساك" من جهة أخرى، لا يمكننا تصور وجود مادي لأدب سردي عالمي، ولا وجود لنمط اسمه الرواية كما وصلتنا ونعرفها اليوم.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون