"عبودية": عودةٌ إلى جزء من التاريخ الهولندي

"عبودية": عودةٌ إلى جزء من التاريخ الهولندي

22 مايو 2021
مقطع من لوحة "تجار الرقّ" لـ جورج مورلاند، نحو 1788
+ الخط -

بخلاف بلدان أوروبية، مثل فرنسا وبريطانيا اللتين يُعرف ماضي العبوديّة فيهما على نحو واسع، يبدو تاريخ العبودية في بلدان أوروبية أخرى أقلّ حظوةً بالمعرفة والاطّلاع لدى الجمهور الكبير، كما هو حال هولندا، وكذلك بلجيكا والبرتغال؛ وهي بلدانٌ يُنسى في كثير من الأحيان ماضيها الاستعماري، الذي لا يمكن فصل تاريخها في العبودية عنه.

قبل نحو شهر، عرفت هولندا تطوّرات جديدة في علاقتها كدولةٍ بتاريخها في العبودية، ومنها إعلان وزارة الثقافة الهولندية رقْمنة ما يقارب المليوني وثيقة، من بينها اتفاقيات وقوائم بحسابات وشحونات تجارية، وسجلّات تضم معلومات عن عبيد جرى نقلهم عبر موانئ المستعمرة الهولندية، إضافة إلى دفاتر يوميات متعلّقة بالموضوع تعود إلى الحقبة ما بين منتصف القرن السابع عشر وبدايات القرن التاسع عشر.

ضمن هذا المسعى نفسه، يقيم "متحف ريكز" للفنون في العاصمة الهولندية، أمستردام، انطلاقاً من بعد غد الثلاثاء، معرضاً يحمل عنوان "عبودية"، في محاولة لإبقاء النقاش مفتوحاً حول سؤال يُحرج السلطات الحاكمة في البلد، والتي لم يسبق أن قدّمت اعتذاراً رسمياً صريحاً عن ماضيها العبوديّ، أو حاولت تقديم حلول لعواقبه، وذلك رغم الناشطين الهولنديين، ورغم التغيّرات التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة بفضل الحركات الاجتماعية المناضلة ضد العنصرية وبعض مظاهر العبودية الحديثة، كما هو حال "حياة السود مهمّة" في الولايات المتّحدة.

يهدف المعرض إلى إخراج الماضي العبودي الهولندي من فضاء التجريد والأفكار الغائمة إلى مساحة أكثر ملموسيّةً، حيث تُعرَض قصص عشرة أشخاصٍ كانوا إمّا ضحيّة للتجّار بالبشر وأسواق العبيد، أو مسؤولين وملّاكاً وأرباب عمل هولنديين، أو أسماءً نشطت ضد العبودية.

ويأتي هذا الخيار ضمن مسعى من المتحف إلى تقريب هذه الظاهرة إلى زوّار المعرض، وإلى إعادة الملمَح الإنساني إلى أشخاص لطالما اعتُبروا أدواتٍ أو يداً عاملة في أفضل الأحيان من قِبل مسؤولي السلطات والملّاك وأرباب العمل.

كما تُعرض لوحاتٌ تصوّر مشاهد يومية من حياة العبودية، وأغراضٌ ومقتنيات خاصّة بمَن عوملوا كعبيد أو بمَن عاملوهم كذلك من المسؤولين وأرباب العمل الهولنديين، إضافة إلى أدوات استُخدمت لحبس مَن اعتُبروا عبيداً وتقييدهم، كقضبان سجن وجنازير وأصفاد وسلاسل.

ورغم أن المعرض، بمحتوياته ووجهة نظره، يمثّل نقداً صريحاً للسلطات الهولندية، إلّا أن المفارقة تكمن أن ملك هولندا، فيليم ألكساندر، هو الذي سيقوم بافتتاحه، وهو ما يزيد الخشية من أن تكون أحداثاً فنية كهذه وسيلة أو غرضاً تستغلّه السلطات لتلميع صورتها من دون تكلّف عناء التكفير عن ماضيها، أو مواجهة عواقبه المعاصرة بشكل رسميّ.

المساهمون