"الفن والروحانية": تحوّلات في التشكيل الإسباني

"الفن والروحانية": تحوّلات في التشكيل الإسباني

22 سبتمبر 2022
عمل بلا عنوان لـ استيبان فيسنته، 1956 (من المعرض)
+ الخط -

لطالما ارتبط الفن التشكيلي الكلاسيكي، في أوروبا، بموضوعيْن: تصوير السُلطة وكذلك تصوير المواضيع الدينية والروحية. وبقي الأمر كذلك حتى نهايات القرن السادس عشر، حيث راحت اللوحة تخرج من فناءات القصور والكنائس إلى حياة الناس ومشاغلهم، في بيوتهم وفي الأماكن العموميّة.

وإذا كان حضور السلطة في تصاوير أبرز الرسّامين الأوربيين قد قلّ تدريجياً مع الزمن، ولا سيّما بُعيد اكتشاف وسائل أُخرى يمكنهم من خلالها "تخليد" ذكراهم، كآلة التصوير، فإن ثيمة الروحانية لم تعرف المسار نفسه، حيث بقيت مُحافظةً على حضور لها في الاشتغالات الحديثة والمعاصرة، لكنْ ضمن معنى وتصوّر مختلفين إلى حدّ بعيد عن الرسومات الكنسية الكلاسيكية.

في مبنى "فيلانويفا" في مدريد، افتُتح في الثامن من الشهر الجاري معرضٌ بعنوان "الفن والروحانية: تخيُّل ما ليس مألوفاً"، ويستمرّ حتى الثالث والعشرين من الشهر المقبل، ويضمّ أربعين لوحةً وصورة فوتوغرافية ومنحوتة لفنانين معاصرين وكلاسيكيين، أغلبهم من إسبانيا.

يسعى المعرض إلى إعطاء فكرة عن التطوّر الذي شهدته فكرة الروحانية في الفن التشكيلي، الإسباني خصوصاً، فهي تعني، مثلاً، تصوير الشخصيات الدينية والمقدّسة وهي مُحاطة بهالة من النور والاستثنائية (موقعها في الأغلب أعلى اللوحة، وتُرسَم بألوان وخصائص تختلف عن باقي الشخصيات)، كما في لوحة "قيامة الآلهة" (1560) للتشكيلي الإسباني لويس فيليس، وهي أقدم الأعمال المعروضة.

الصورة
عمل لـ إرنست كارل أويغن كورنر، القرن التاسع عشر (من المعرض)
عمل لـ إرنست كارل أويغن كورنر، القرن التاسع عشر (من المعرض)

مع الوقت، سيعبّر الفنّانون عن الروحاني بشكل أقلّ مباشرة، أو أقلّ ارتباطاً بالرموز الدينية، مع انفتاح على الأبعاد النفسية الداخلية، وكذلك على العالَم، الذي ستتحوّل تضاريسه إلى ما يشبه الاستعارة عن الأحاسيس الوجودية والدينية والباطنية، ولا سيّما المشاهد السامية والمتعالية في آن، مثل الجبال، وضوء الشمس، وسِعة البحر، وغيرها، كما في أعمال الألمانيّ إرنست كارل أويغن كورنر (1846 ــ 1927).

الصورة
"شكلٌ رماديّ مائل إلى الزُرقة" لـ أنطوني تابياس، 1955 (من المعرض)
"شكلٌ رماديّ مائل إلى الزُرقة" لـ أنطوني تابياس، 1955 (من المعرض)

ثالث وآخر التغيّرات التي شهدها الفن الإسباني، ومعه الفن الأوروبي، في تصوير الروحانية، يتزامن مع صعود التجريدية كوسيلة تعبيرية جديدة، حيث حلّ المزيج اللوني، والخطوط المتخلّصة من الترميز المباشر، محلّ الأشكال والتصاوير الواقعية في التعبير عمّا يختلج في الروح من أحساس إزاء ما هو متعالٍ وما يتجاوز الحضور المادّي المباشر للإنسان.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون