"الإحساس بالذنب": في متاهة البؤس الإنساني

"الإحساس بالذنب": في متاهة البؤس الإنساني

20 سبتمبر 2020
رونيه ماغريت/ بلجيكا
+ الخط -

تقوم فكرة مشروع "فلسفة بالبلدي" على طرح إشكاليات فكرية كبرى ضمن لغة مبسّطة يفهمها عامة الناس، وهي مبادرة مصرية بدأت في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 ضمن محاولة ممارسة الفلسفة في الدوائر العامة وغير الأكاديمية، ما يمثّل في النهاية عودة إلى أصول الفلسفة.

يوم الخميس الماضي، جرى تنظيم أمسية افتراضية ضمن "فلسفة بالبلدي" تحدّثت خلالها الباحثة المصرية نهى سالم، وقد انطلقت من الأسئلة التالية: هل الإحساس بالذنب شيء أخلاقي؟ وحين نحسّ بالذنب هل نخلط بينه وبين الضمير؟ وأية قيمة من تأنيب الذات أو عقابها؟ وهل الإحساس بالذنب يمكن أن يتحوّل إلى عادة نفسية أو وسيلة للهروب من الواقع؟

تنطلق سالم في كلمتها من الربط الذي يحدث غالباً بين الإحساس بالذنب والأخلاق، وهنا تتفرّع قراءات المدارس الفكرية حيث أن الفلاسفة الواقعيين، مثلاً، وبما أنهم قد أعطوا موقعاً أساسياً للأخلاق فقد جعلوا منها الخير الأسمى، ومن ثمّ اعتبروا أنه إذا كان هناك شر فهو يتمظهر عبر الشعور بالذنب، وبالتالي فهو دافع للعودة إلى التصرّف الأخلاقي، أي أنه يلعب دور المنبّه. 

هنا تتساءل المتحدّثة إن كان الإحساس بالذنب ينبع من إرادة واعية، وهي تشير أنه في الغالب لا أحد يعتبر أنه اختار الشعور بالذنب، أي أن الفرد يجد نفسه وهو بصدد الشعور بالذنب، وهذا الشعور ينمو بشكل مستقل وقد يذهب من دون سبب معروف. تشبّه سالم هنا الإحساس بالذنب بالكائن الذي منذ أن يوجد يصبح له حياة خاصة تموّل نفسها بنفسها، وهي بذلك تثبت أن الألم ليس بالضرورة كما ذهب البعض آت من الآخرين بل قد يكون من الذات. 

في موضع آخر من حديثها، تناولت سالم مسألة ارتباط النزعة المثالية بالإحساس بالذنب باعتبار أنه محفّز على التحسين، غير أنها تؤكّد على عدم وجود علاقة منطقية بين الأمرين. وتشير في هذا السياق إلى ما تلعبه تكنولوجيات التواصل من تغذية للإحساس بالذنب، حيث يمكن اعتبار الإنترنت مثل "معرض كبير للبؤس الإنساني" بحسب عبارتها ، وهو ما يخلق أرضية مواتية للشعور بالذنب ضمن أمور لا يملك الفرد تأثيراً مباشراً عليها.

ترى سالم في نهاية محاضرتها إلى ضرورة الفصل بين مفهومين هما الشعور بالذنب والضمير، وهنا تشير إلى أن الأهم هو استثارة الضمير وليس الشعور بالذنب من أجل تحسين الواقع، حيث ينتمي الأول إلى منطقة العقلانية فيما الثاني إلى عالم العواطف.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون