هموم شعرية: مع يوسف بزّي

هموم شعرية: مع يوسف بزّي

03 يونيو 2020
(يوسف بزّي)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع شاعر عربي في علاقته مع قارئه وخصوصيات صنعته ولا سيّما واقع نشر الشعر العربي المعاصر ومقروئيته.


■ من هو قارئك؟ وهل تعتبر نفسك شاعراً مقروءاً؟
- مرّة وصلتني رسالة من أستاذ مدرسة في بلدة موريتانيّة، بالغة الودّ، يستعرضُ فيها بعض آرائه في قصائدي. حدثَ أيضاً أن وصلتني رسالة من أرجنتينيّ قرأ قصائدي مترجمة إلى الإسبانيّة.

على هذا المنوال، القارئ الذي لا أستحضرهُ ولا أخاطبهُ، أي القارئ غير المتوقّع تقريباً، هو الّذي يمنحني سبيلاً للتحرّر من التصوّر المسبق والمحدود لـ"قارئي". وعلى أيّ حال، أثناء الكتابة، غالباً ما ألجأ إلى ذائقة زوجتي.. قارئة صارمة، بقدر ما هي ملهمة.


■ كيف هي علاقتك مع الناشر، هل لديك ناشر وهل هو الناشر الذي تحلم به لشعرك؟
- كان لي الحظ أنّ مجموعتي الأولى "المرقّط" (1989)، فازت بجائزة، من مكافآتها طبعها ونشرها في "دار رياض الريّس". منذ ذلك الحين كان رياض الريّس هو ناشري الذي أعتزّ بصداقته. عدا ذلك، وبرغبة منّي أن أنضمّ إلى سلسلة شعريّة ممتازة، نشرت كتاب "رغبات قوية كأسناننا" في "دار الجديد" سنة 1993.


■ كيف تنظر إلى النشر في المجلات والجرائد والمواقع؟


- ما قبل حقبة الإنترنت أمرٌ مختلفٌ تماماً عمّا بعده. نشر القصائد في صحيفة مرموقة كان شرطاً لا بدّ منه لأيّ شاعر يطمعُ بتكريسِ اسمه. وكان هذا النشر "امتحاناً" جدّياً ومخيفاً، للشّاعر المبتدئ كما للمخضرم. وأظنّ أنّ الكثير من الاتجاهات الشعريّة حُسم مصيرُها على صفحات تلك الصّحف والمجلّات، إعداماً أو تكريساً.

النشر الإنترنتّي ليس له هذا الدّور ولا تلك السّلطة. لذا، هو ليس مغوياً لي على الإطلاق. "ديمقراطيّته" أقرب إلى المشاعيّة. معمعة شاملة.


■ هل تنشر شعرك على وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف ترى تأثير ذلك في كتابتك أو كتابة زملائك ممن ينشرون شعرهم على وسائل التواصل؟
- في لحظات نادرة، نشرت مقتطفات شعريّة على صفحتي الفيسبوكيّة. تجربة لا تضرّ ولا تنفع. ولم أتحمّس لها كثيراً. كونها أشبه بقيام شخص سمج بإلقاء موعظة في حفل راقص.
مع ذلك، أوقّر الصفحات المتخصّصة بالشّعر، كونها تشكّل نافذة بديلة بعد "موت" المجلّات، وكونها حرّة بلا رقابة.


■ من هو قارئ الشعر العربي اليوم في رأيك؟
- ببساطة، الذي كان يقرأ الشّعر بالأمس.


■ هل توافق أن الشعر المترجم من اللغات الأخرى هو اليوم أكثر مقروئيّة من الشعر العربي، ولماذا؟
- من الصعب الجزم.. لا أدري. قراءتي للشّعر أقل بكثير من قراءة أنواع الكتابة الأخرى. لا أتمتع كثيراً بقراءة القصائد، ولا حتّى بكتابتها.. إنّها عمل شاق ويبعثُ على الضّيق والضجر. أشبهُ بالعمل في منجم حيثُ عليكَ أن تنهكَ نفسكَ وتستنفدَ قواكَ وصولاً إلى اللّقى. وعموماً، في الشعر، أقرأ ما يصادفُني، عربيّاً أو مترجماً.


■ ما هي مزايا الشعر العربي الأساسيّة وما هي نقاط ضعفه؟
- رغم التشابه بين المجتمعات العربيّة، هناك تنوّع ثقافي وجغرافي وسياسي وبيئي بالغ السّعة بين الدّول والشعوب العربيّة. النّزعة "الوحدوية" لجعل كلّ هذا مختصراً بتصوّر اختزالي لـ"العرب"، طمست الثّراء الذي يمتازُ به هذا العالم الممتدّ بين قارّتين. هذه آفة كبحت إلى حدّ بعيد ظهور ضروب متنوّعة من الشعر العربي، خيالاً وقاموساً وانشغالات..

وأظنُّ أنّ الشّعراء الشّباب في العقدين الأخيرين أظهروا جرأة على كسر تلك النّزعة إلى واحديّة المرجعيّة الثقافيّة في الشعر أو في الفنون عموماً.


■ شاعر عربي تعتقد أن من المهم استعادته الآن؟
- كلّ الشعراء يستحقون التذكّر والعودة.. أسوأ شاعر يجبُ استعادته بين الحين والآخر، كي ننتبه ألّا نكرّر ما اقترفه.


■ ما الذي تتمناه للشعر العربي؟
- التحرّر الأخلاقي والمروق السياسي.. والأهمّ، هزيمة ذكوريّته.


بطاقة
شاعر وصحافي لبناني مواليد بيروت 1966. من إصداراته: "المرقَّط" (1989)، "رغبات قوية كأسناننا" (1993)، "تحت المطرقة" (1997)، "بلا مغفرة" (2004)، "نظر إليّ ياسر عرفات وابتسم" (2005)، "في فم الغراب" (2016)، "ضاحية واحدة مدن كثيرة" (2017).

المساهمون