هموم شعرية: مع نسرين أكرم خوري

هموم شعرية: مع نسرين أكرم خوري

29 مارس 2020
(نسرين أكرم خوري)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع شاعر عربي في علاقته مع قارئه وخصوصيات صنعته ولا سيما واقع نشر الشعر العربي المعاصر ومقروئيته.


■ من هو قارئك؟ وهل تعتبرين نفسك شاعرة مقروءة؟
- أحياناً قد تنال بعض النّصوص حظّها من القراءة هنا أوهناك، يفرحني أن أرى صوراً من كتاب لي، أو مقاطع منشورة من قبل أناس لا أعرفهم، ووصلهم ما أكتب بطريقة ما، طريقة غامضة، تفاجئني، لأنني لا أعتبر نفسي مقروءة. هذا الأمر أجده رائعاً على الرغم من ندرته، وربما ندرته هي سرّ روعته. لكن طبعا هنالك قرّاء قلّة من دائرة المعارف الصغيرة، ينظرون إلى كتابتي بعين المحبّ، وهذا يبقي للأمر معنىً، في بعض الأحيان أفكر أنني أكتب من أجلهم، ولا أعرف إن كان هذا أمراً جيداً.


■ كيف هي علاقتك مع الناشر، هل لديك ناشر، وهل هو الناشر الذي تحلمين به لشعرك؟
- ليس لديّ ناشر معيّن، نشرتُ كتبي في دور مختلفة، علاقتي مع الناشرين طيّبة، ربما لكوني زاهدة في موضوع النشر ولا أحمّله أكثر مما يتحمل برأيي: أن يصدر الكتاب بصورة ترضيني نوعاً ما، على الأقلّ في اللحظة التي تلي صدوره، الندم يأتي لاحقاً، ولا علاقة له بالناشر، بل بفكرة خروج الكتاب بحدّ ذاتها. الناشر الذي أحلم به للشعر عموماً هو ناشر يقدّر الجوهرة التي ينغلق عليها غلاف يحمل "لوغو" داره.


■ كيف تنظرين إلى النشر في المجلات والجرائد والمواقع؟
- لا أجد النشر في المجلات والمواقع غايةً في حدّ ذاته، فالنّص صار يصل عبر مسارب متعدّدة، وهو واحد من هذه المسارب. لكن تظلّ للنشر الورقي بشكل خاصّ نكهة نحبّها نحن الجيل الذي - للأسف - تزامن ظهوره مع بدء اختفاء الصحف الورقية.


■ هل تنشرين شعرك على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف ترين تأثير ذلك في كتابتك أو كتابة زملائك ممن ينشرون شعرهم عليها؟
- نعم أنشر شعري على صفحات التواصل، في السابق أكثر من الآن، لكن ما زلت أحبّ حالة التفاعل الحيّ مع النص، الأمر يشبه أداء الممثل على خشبة المسرح وتلقّي رد الفعل المباشر من الجمهور. أعلم أن متلقّي وسائل التواصل مضلِّل وقد يكون له أثر سلبيّ على الكتابة، خاصّة حين ينطلق النص من ذهن الكاتب على طاولة يجلس حولها ثلّة من المتلقين الافتراضيين، برأيي لو استطاع الكاتب إخراج هذه الثلّة من رأسه وإبقاءها حيث هي؛ على كراسي انتظار العرض، ينجح الأمر ويصير ممتعاً وصحّيّاً.


■ من هو قارئ الشعر العربي اليوم برأيك؟
- توجد أنواع مختلفة من قرّاء الشعر العربي اليوم، هنالك فئة - ربما هي الأكبر- تريد وجبة سريعة طازجة تصل إليها بينما تتصفح أخبار الموضة والحروب والجوائح، ولا تخرج للبحث عن القصيدة في مكتبة. هنالك فئة كبيرة أيضاً، تلك المحتفظة بحبّها لكلاسيكيات الشعر العربي وقراءتها له وبعيدة نسبيّاً عن جديد ما يُكتَب. الفئة الأقلّ عدداً هي التي تقصد المكتبة أو معرض الكتاب لتعود وبيدها كتب لشعراء لا تعرفهم، أو ربما سمعت عنهم. لم يختفِ قارئ الشعر بعد، ولو أن رفوف الروايات في مكتبات المنازل هي الأكثر اكتظاظاً.


■ هل توافقين بأن الشعر المترجم من اللغات الأخرى، هو اليوم أكثر مقروئية من الشعر العربي، ولماذا؟
- لا أوافق، ربما هذا الكلام يخصّ الشعراء والكتّاب، هم أكثر احتفاءً بالشعر المترجم من الشعر العربي، وأسباب هذا الأمر عديدة، منها محمودة ومنها لا. أما القارئ بشكل عام في ظنّي أنه يقرأ شاعراً مثل محمود درويش ويحفظ قصائده، بينما بالكاد يطّلع على نتاج شاعر غربيّ.


■ ما هي مزايا الشعر العربي الأساسية، وما هي نقاط ضعفه؟
- مزايا الشعر العربي اللغة والإيقاع، حتى في قصيدة النثر الحديثة، حين يكون هذان العنصران متينين تلمع القصيدة أكثر. نقطة ضعفه المعروفة من قبل الجميع هي الخطابية، ومحاولة إصلاح العالم بقصيدة، وهذا مدعاة للضحك أحياناً.


■ شاعر عربي تعتقدين بأن من المهم استعادته الآن؟
- شعراء كثر، كنت لأختار بسام حجار، لكنه بدأ يستعاد فعلاً. لذا أختار الشنفرى.


■ ما الذي تتمنينه للشعر العربي؟
- الشعر قادر على أن يعالج نفسه بنفسه، لذا أمنيتي الوحيدة له أن ينال حظّاً أكبر من القراءة، ربما هي أمنية تصبّ في مصلحة العالم أكثر مما في مصلحة الشّعر.


بطاقة
شاعرة سورية ولدت في حمص عام 1983، درست الهندسة المدنية وتعيش حالياً في مدينة أليكانتي بمنطقة بالنسية في إسبانيا. صدرت لها مجموعتان شعريتان الأولى "بجرّة حرب واحدة" (2015)، والثانية "أركُل البيت وأخرج" (2018)، إلى جانب رواية ""وادي قنديل" التي صدرت عام 2017.

المساهمون