هموم شعرية: مع عبد الكريم الطبال

هموم شعرية: مع عبد الكريم الطبال

04 مايو 2018
(عبد الكريم الطبال)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع شاعر عربي في علاقته مع قارئه وخصوصيات صنعته ولا سيما واقع نشر الشعر ومقروئيته. هنا وقفة مع الشاعر المغربي الذي يرى أن صدمات الواقع العربي تتناسل وتتعقد وهي وراء انسحاب قارئ الشعر المفترض إلى قراءات أخرى.


■ من هو قارئك وهل تعتبر نفسك شاعراً مقروءاً؟
- قارئي الأول هو أناي، أقرأ قصيدتي وهي في المخاض قبل الكتابة ثم بعد الكتابة أقرؤها وهي تحبو على الورقة وقد أمدّ يدي إليها حتى تعتدل خطوتها وتستقيم قامتها، ثم بعد أن أطمئن أدعها تمشي خارج الورقة، وثم تلتقي بالقارئ الآخر وهناك بعض العابرين سيلتقون بها هنا وهناك قد يمعنون النظر في وجهها، قد يقرؤون سحناتها وما تحت سحناتها، قد يكونون كثرة وقد يكونون قلة والأهم عندي أن تظلّ حية ترزق.


■ كيف هي علاقتك بالناشر. هل لديك ناشر، وهل هذا الناشر هو الذي تحلم به لشعرك؟
- ليست لدي أية علاقة مع الناشر، فجل دواويني نشرتها مؤسسات ثقافية بدون مساومة. أقصد من دون ذكر الدرهم لا من قريب ولا من بعيد. نشرت لي وزارة الثقافة ونشر لي "بيت الشعر"، ونشرت لي كذلك جمعيات ثقافية. وما نشرته على حسابي لا يتعدى ديوانين، ولذلك أقول: علاقتي بالناشر كانت علاقة عابرة.


■ كيف تنظر إلى النشر في المجلات والجرائد والمواقع؟
- هي فسحات للتواصل مع القارئ المفترض، وفيها كانت البدايات الأولى للقراء مع قصائدي الأولية وإلى الآن. وهي في نفس الآن فسحات للحرية والانسياح خارج المكان الضيّق. ففي الخارج ضوء وموسيقى كالتي في القصيدة وعند الشاعر، ومع هذا الانسياح والحرية كنت أسعد ولو للحظات عابرة.


■ هل تنشر شعرك على وسائل الاتصال؟
- منذ سنوات قليلة أسست صفحتي في الفيسبوك وفي هذا الموقع بالذات أحسست بالحرية أكثر وفيه الآن أنشر شذراتي تقريباً يومياً من دون منّة أحد. وفي هذا الموقع اكتشفت أصواتاً وأصدقاء عديدين يزورونني وأزورهم وكلنا نتعلم من بعضنا ويقيناً أستفيد منهم أكثر.


■ من هو قارئ الشعر العربي اليوم في رأيك؟
- قارئ الشعر العربي اليوم شبه مختلف عن القارئ المفترض، إلا نادراً، فصدمات الواقع العربي تتناسل وتتعقد وهي في تصوّري وراء انسحاب القارئ المفترض عن قراءة الشعر إلى قراءات أخرى لا علاقة لها بالشعر. أقصد قراءة الدم الذي يجري على الأرض وما فيها، وما أكثر "الكتب" التي تطبع في ليبيا وفي سورية وفي العراق، وهناك الكتب الأخرى التي تستعد دور النشر لطبعها في المغرب العربي.


■ هل توافق أن الشعر المترجم من اللغات الأخرى هو اليوم أكثر مقروئية؟
- فعلاً الشعر المترجم من اللغات الأخرى لشعراء بارزين في ساحة الشعر العالمي يُقرأ أكثر سيّما إذا كانت الترجمة من مقتدرين متمكنين في اللغتين وفي ثقافة اللغتين، وبالأحرى إذا كان المترجم شاعراً والسبب في هذا الإقبال حسب انطباعي هو عوالمه الأخرى المختلفة. فالقارئ له يقرأ الاختلاف والعمق بينما الشعر العربي عامة لا يختلف هو متشابه ومتفق إلا قليل منه، وقلّما نقرأ في شعرنا هاتين الميزتين: العمق والاختلاف.


■ ما هي مزايا الشعر العربي الأساسية وما هي نقاط ضعفه؟
- يصعب الحديث عن المزايا والنقائص في الشعر العربي اليوم. الشاعر العربي الآن جزء أساسي في هذه المرحلة الشعرية الكونية، فالعصر متمازج حضارياً بعد شيوع اللغات وبعد التلاقح الثقافي الهام خاصة مع دخول الترجمة إلى الساحة. فالشاعر العربي الآن يقرأ ويتأثر ويؤثر في الحركات الشعرية الكونية على قدر ما، ويمكن القول الآن أن الثقافة الشعرية عند الشاعر هنا وهناك شبه واحدة مع اختلاف قليل. فمحمود درويش مثلاً مقروء في عدد من اللغات وكذلك أدونيس وآخرون. أقول: إن الشعر العربي في طريق التحوّل إلى مضاهاة الشعرية الكونية. وقد نقول: إن هذه الهوية لا تزال في مرحلة الاختمار ولكنها كائن إن لم يكن بالفعل فبالقوة.


■ شاعر عربي تعتقد أن من المهم استعادته الآن؟
- شعراء عرب مرّوا وما مرّوا: المتنبي، المعري، ابن سهل، محمد عفيفي مطر، محمود درويش، فدوى طوقان، أبو القاسم الشابي وآخرون. هم حاضرون في الذاكرة، حاضرون في القصيدة، حاضرون في الحياة، وأتخيل الآن محمود درويش يقرأ القصيدة في غزة وسيقرأ بعد الآن.


■ ما الذي تتمناه للشعر العربي؟
- أتمنى أن يستمر في الهروب من وجه المرآة. أن يتوحد في جوهره. أن يكون شعراً كونياً بلا طائفية وبلا عرقية.


بطاقة: شاعر مغربي من مواليد عام 1931 في شفشاون، وأحد أسماء الجيل المؤسس لحداثة الشعر في المغرب. بدأ النشر في الخمسينيات، ومن أعماله الشعرية: "الطريق إلى الإنسان" (1970)، و"الأشياء المتكسرة" (1974)، و"البستان" (1988)، و"عابر سبيل" (1993)، و"آخر المساء" (1994)، و"شجرة البياض" (1995)، و"القبض على الماء" (1996)، و"لوحات مائية" (1997)، و"بعد الجلبة" (1998).

المساهمون