"الإسلام والسياسة في العصر الوسيط": نماذج ثلاثة

"الإسلام والسياسة في العصر الوسيط": نماذج ثلاثة

13 يونيو 2020
فايزة عمر/ زنجبار
+ الخط -

تُبرز العديد من الدراسات الحديثة التباس المقولة التي ترى ممارسة الحكم في التاريخ الإسلامي واحدة في مختلف مراحله، أو تغيّب وجود تنوّع في الاتجاهات والتيارات يستند إلى اختلاف وجهات النظر والمصالح حول الصراعات الاجتماعية والسياسية وتطوّر بنية المجتمع والمؤسّسات الحاكمة.

"الإسلام والسياسة في العصر الوسيط" عنوان النسخة العربية من كتاب الباحث في الفلسفة العربية مكرم عباس، والتي صدرت حديثاً عن "مركز نهوض للدراسات والنشر" بترجمة الأكاديمي محمد الحاج سالم، وتتضمّن مساءلة للمفاهيم وظهور الأفكار وتشكّل التقاليد ونشوء النماذج الرئيسية للفكر السياسي في حقبة تاريخية.

يدرس المؤلّف ثلاث طرق لفهم السياسة، تبرز الأولى في كتابات مؤلّفي "الآداب السلطانية" التي تركّز على قيم الحكم، واحتياجها للحكمة والاعتبار بالتجارب السياسية سواء تلك التي جرت داخل سياق التاريخ الإسلامي، أز تلك المستمدّة من خارجه (الفرس، الروم، الهند).

وتعكس الثانية طريقة الفقهاء الذين يرى عباس أنهم انشغلوا بإشكالية الفتنة، وبالغوا في التركيز على أولويّة الأمن، بينما مثّل الثالثة فلاسفة مثل الفارابي وابن سينا من خلال التفكير بالمسألة السياسية من منظور القانون الطبيعي وبمقصد تحقيق كمال الإنسان، مستلهمة الثقافة العلمية والفلسفية المتداولة في زمنهم.

وقد انتهى الباحث إلى أن كتّاب الآداب السلطانية كانوا يقفون إلى جانب العدل، بينما لم يعتن الفقهاء بالعدل بقدر اهتمامهم بمسألة "المفيد والضروري" فحبّذوا استبداد السلطة لما فيه من "فائدة في حفظ الأمن"، في حين وقف الفلاسفة إلى حانب الخير وفكرة "الكمال".

ويأتي الكتاب بمثابة ردّ على عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر، الذي اختزل التصورات المحدّدة لعلاقة السياسة بالدين في المجال المجتمعي الإسلامي بتصور يجد منبعه، على حد قوله، في الثقافة الغربية في الفصل بينهما، وآخر يقول بالتماهي بين المجالين الديني والسياسي مع هيمنة الأول.

وتشير المقدمة إلى أن فيبر ترك أثراً واضحاً في كثير من الدراسات التي اهتمّت بالفكر السياسي في الإسلام، متبنّيةً موقفه الذي يرجع السياسة إلى ما هو إلهي، نافية مشروعية الاجتهاد البشري في تنظيم الحياة المدنية العامة، والتشريع للقواعد المنظمة للعلاقات السياسية والاجتماعية.

ويقدّم صاحب "الثورات العربية واللاهوت السياسي" في هذا الكتاب محاولة لنقد هذا التصور، بالتركيز على بيان تنوّع الفكر السياسي الإسلامي، كما تجلّى في تراثنا الثقافي، وكما تفاعل مع تطوّرات المجتمع خلال التاريخ.

المساهمون