"كيف ننقذ الجنس البشري": إجابات الأنثروبولوجيين

"كيف ننقذ الجنس البشري": إجابات الأنثروبولوجيين

29 مارس 2020
أنغيلا دواير/ ألمانيا
+ الخط -

"لم نكن أبداً بمثل هذا الثراء المادي، ولم نكن أبداً بمثّل هذه الطمأنينة الصحية"، هكذا يبدأ كتاب "كيف ننقذ الجنس البشري" (منشورات "فايار") وهو عمل مشترك بين عالم الأنثروبولوجيا البلجيكي بول جوريون والباحث الفرنسي فانسان بيرنان-غالبان. مدخل يبدو نشازاّ مع ما تعيشه البشرية منذ أسابيع قليلة بسبب انتشار فيروس كورونا حتى كأن الكتاب قد صدر منذ أشهر إلا أنه صدر منذ أيام لا غير.

في الحقيقة، فإن المدخل الذي اختاره المؤلفان كان من أجل بناء مفارقة نعثر عليها ضمن محتويات الكتاب، حيث أن الشعور بالثراء وبالطمأنينة الصحية ليس سوى قشرة ظاهرية تخفي إشكالات كبرى تعيشها البشرية مثل الكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية والتخبّط السياسي، وطبعاً لا يذكر المؤلفات الخطر الفيروسي الذي يضرب العالم اليوم، فقد كان الاشتغال على الكتاب قبل وجود كورونا، وإن كان من الممكن تطبيق رؤاه على الواقع الحالي خصوصاً، وأن خطاب "إنقاذ البشرية" بات رائجاً اليوم.

يتصدّى المؤلفان إلى قضايا العالم المعاصر من خلفية أنثروبولوجية تضع كل إشكالية في سياقات التاريخ بتعقيداتها الاجتماعية والثقافية، ويضيئان مجموعة من المقاربات المختلفة التي اقترحها مفكرون للخروج من أزمات العالم مثل الإيكولوجيين والفوضويين والاشتراكيين وغيرهم.

ولعل من أبرز ما يلفت في العمل هو أنه يجمع مؤلفين يبلغ فارق السن بينهما نصف قرن تقريباً، حيث أن بيرنان-غالبان هو أحد طلبة جوريون، وهو ما يثري العمل على خلفية إضاءته للعالم من زواية جيلين مختلفين في نفس الوقت.

يذكر أن جوريون أحد أبرز المفكّرين في الأزمات الحديثة حيث يجمع بين معارف كثيرة لتفسيرها وتقديم مخارج لها، ويظلّ أبرز ما قدّم في هذا الإطار جمعه بين الأنثروبولوجيا والاقتصاد فهو من الباحثين القلائل الذين فسّروا أزمات مثل انهيار البورصات في 2008 وصعود الصين كثاني أكبر اقتصاد عالمي بعيداّ عن الأرقام والنظريات الاقتصادية بل من خلال أدوات العلوم الإنسانية.

من أبرز أعمال جوريون: "مبادئ أنظمة الذكاء" (1990)، و"المالية ضد الاقتصاد" (2008)، و"كيف جرى اختراع الواقع" (2009)، و"احتضار الرأسمالية" (2011)، و"الحرب الأهلية الرقمية" (2011)، و"بؤس الفكر الاقتصادي" (2012)، و"ترامب: سقوط نيزك" (2018).

المساهمون