الثعالبي.. مخطوطة في الأمثال

الثعالبي.. مخطوطة في الأمثال

28 مارس 2020
(مقطع من عمل لـ رشيد قريشي/ الجزائر)
+ الخط -

حظي أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي بمكانة مرموقة بفضل تخصّصه الدقيق في اللغة، وبحثه في مسائل لا يزال يعدّد مرجعية فيها، تتعلّق بمعرفته المعمّقة بالفارسية واليونانية والعربية وتبحذره في فققها المقارن الذي رأى أنه في تغيّر دائم يمكّن لغة الضاد من استيعاب المعاني والألفاظ الجديدة.

كما تميّز اللغوي والجغرافي المسلم (350 هـ - 429 هـ / 961 1038م) ببحثه المتعدّد في المعنى والدلالة التي تنّم عن ثقافة وإطلاع واسعين، والتي ظهرت في أكثر من مؤلّف كتبه بسرد جذاب واستطراد ممتع في توليد الحكايات وتوظيف المأثورات والحكم.

عن "المعهد الالماني للدراسات الشرقية" و"دار الفارابي" صدرت نسخة من كتابه "خاصّ الخاصّ في الأمثال" بتحقيق الباحثين رمزي بعلبكي وبلال أرفه لي، اللذين يشيران في تقديمهما إلى أنها المرة الأولى التي يُحقّق فيها هذا المؤلّف الذي يختلف عن كتاب آخر بعنوان "خاص الخاص" حقّق عدة مرّات.

يحتوي الكتاب في ثلاثة أقسامٍ، يتناول الأوّل ما يُتمثّل به من ألفاظ القرآن، حيث يفتتح الثعالبي كلّ بابٍ من أبوابه السبعين بآية أو أكثر، ثمّ يدرج تحتها ما جاء في معانيها من الخبر وأمثال العرب والعجم وكلام الخاصّة والعامّة، مازجاً بين الأمثال القديمة التي أبقى عليها الإسلام والأمثال النبويّة، والأمثال المولّدة أو المحدثة بعد نزول القرآن.

ويستعرض القسم الثاني أمثال طبقات الناس وذوي المراتب المتباينة والصناعات المختلفة، بدءاً بالأمثال السلطانيّة والملوكيّة، انتقالاً إلى الأمثال المعنيّة بالوزراء والكتّاب والبلغاء، وانتهاءً بأمثال النساء فالصبيان فالعبيد. وهذه ليست المرّة الأولى التي يتخطّى فيها الثعالبي نظرة الأديب المتمكّن واسع الاطّلاع إلى نظرة الناقد الاجتماعيّ، فيمنح القارئ تصوّراً لمكانة كلّ طبقة في السلّم الاجتماعي آنذاك، وموقعها بالمقارنة مع غيرها من الطبقات.

يضمَ الفصل الثالث مختارات من الأمثال التي جاءت على وزن أفعل من كذا، ولم يتضمّنها كتاب أبي عبد الله حمزة بن الحسن الأصبهاني، مصنفاً إياها في ثلاثة أبواب: الأوّل أمثال منسوبة إلى أربابها، والثاني غرر من رجز الشعراء، أمّا الثالث ففيه يدلي الثعالبي بدلوه، غير مكتفٍ بالجمع والترتيب، منتقلاً إلى الابتداع والتأليف.

يُذكر أن رمزي بعلبكي وبلال أرفه لي حققا سابقاً كتابين للثعالبي هما "زاد سفر الملوك: في السفر ومدحه وذمّه ومحاسن الأخلاق فيه، و"مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب وبدائع الأوصاف وغرائب التشبيهات".

المساهمون