"العلمانية وحرية الضمير": بين الليبرالية والجمهورية

"العلمانية وحرية الضمير": بين الليبرالية والجمهورية

21 يوليو 2019
نادية الكعبي/ تونس
+ الخط -
مع تطوّر المجتمعات الديمقراطية الحديثة ومع العولمة، أضحت التعريفات التقليدية للعلمانية، من قبيل "العلمانية هي الفصل بين الدين والدولة" أو "العلمانية هي استبعاد الدين من الفضاء العمومي" تعريفات مبسّطة، نتيجة الخلط بين غايات العلمانية وطرقها الإجرائية.

حول معنى وأشكال العلمانية، صدر حديثاً عن "الشبكة العربية للأبحاث" كتاب "العلمانية وحرية الضمير"، تأليف جوسلين ماكلور، وشارلز تايلور، وبترجمة وتقديم الأكاديمي محمد الرحموني.

يميّز المؤلفان في كتابهما بين نمطين من العلمانية: علمانية منفتحة وهي العلمانية الليبرالية أو التعدّدية؛ وأخرى متشدّدة وهي العلمانية الجمهورية، ويشكّل الموقف من المعتقدات الدينية الحدّ الفاصل بين العلمانيتيْن.

الأهمّ من كلّ ذلك، أنّ النمط الأوّل من العلمانية يعدّ حصيلة مراجعات وتقييمات وإعادة نظر لمفهوم العلمانية وتاريخها وأهدافها، وأمّا الثاني فظلّ مشدوداً إلى الماضي متمسكاً بـ"الأصول".

ترتكز العلمانية المناسبة لهذا التطوّر على مبدأين كبيرين، هما: معاملة المواطنين بنفس القدر من الاحترام، ومنحهم الحق في حرية الضمير؛ وعلى طريقتين إجرائيتين: الفصل بين الدين والدولة من ناحية، وحياد الدولة تجاه الأديان وتجاه الحركات الفكرية العلمانية من ناحية ثانية.

استوجب هذا التعريف الجديد للعلمانية إعادة النظر في مفهوم الفضاء العمومي، فلم يعد المقصود خُلوّ هذا الفضاء من مظاهر التديّن، بل المقصود عدم تماهي الدولة مع الدين عموماً؛ بل إن الدولة مطالبة باحترام كلّ المعتقدات والالتزامات المنسجمة مع الحياة الجماعية. وإنّ إظهار المواطنين لرموزهم الدينية في الفضاءات العامة هو فعل يندرج ضمن إطار الحرية الدينية.


المساهمون