"منطق الخطاب": في تفكيك الهيمنة والتمثيل

"منطق الخطاب": في تفكيك الهيمنة والتمثيل

18 يوليو 2019
إيل أناتسوي/ غانا
+ الخط -
تسعى العديد من الدراسات ما بعد الكولونيالية إلى الربط بين الرواية ومجمل التطلعات الاستعمارية، إذ تزامن ازدهار السرد في أوروبا مع بدء البحث عن أسواق لبضائعها المتراكمة، وبرز خطاب ثقافي يبرّر منطق الاستعمار وتفوقه ويتبادل معه المصالح والمنافع.

في هذا السياق، ‎صدر حديثاً كتاب "منطق الخطاب: المركز والتابع.. قراءة في السرد الكولونياليّ" للباحث الأردني زهير عبيدات عن "دار المعتز للنشر والتوزيع"، والذي يتضمّن مقاربات عبّرت عن أسئلة الإنسان في الألفيّة الثالثة، وركّزت على قراءة البنية وما فيها من دلالة وتمثّل هدفها في البحث عن "منطق" يحكم قواعد السرد، بمعنى البحث عن العقل الذي يوجّه استراتيجية السرد وقواعده وينظّم محتواه.

يضم الكتاب خمسة فصول، يقف الأول عند علاقة فرنسا الاستعمارية بالجزائر المستعمرَة من خلال "ثلاثيّة محمد ديب"، ويتناول الفصل الثاني علاقة الإمبراطورية الأميركية بالعراق أثناء احتلاله باعتباره خطوة في طريق تحقيق "مشروع العالم الجديد" في "الشرق الأوسط"، بينما يناقش الثالث الخوف بما إنه أداة تستخدمه الدول والهيئات ضد من يعارضها، إن كان على مستوى غيرها من الدول، أو على مستوى الشعب المحكوم.

ويحلّل الفصل الرابع علاقة الرجل باعتباره مركزاً، بالمرأة بما إنها "تابع" للمركز، ويتفحّص الفصل الأخير علاقة المجتمع بالأقليّات من خلال الموقف من أقلّية النَوَر أو الغَجَر. وانتهت الدراسة بخاتمة تجمل أبرز نتائجها.

‎يفكّك المؤلّف الخطاب الكولونيالي وتجسّداته على مستوى الدول والأمم وانتهاءً بعلاقة الأفراد فيما بينهم، موضحّاً أنّ الكولونياليّة تقوم على ركنين أساسيْن هما: الهيمنة والتمثيل، مما يفترض وجود سلطة بيد من يمارسهما على آخر تابع قد يكون دولةً أو أمّة أو شعباً أو مجموعة بشريّة أو فرداً. ومن هنا توقفت النصوص التي تمّ اختيارها عند علاقة دولة مستعمِرة بأخرى مستَعمرَة، أو عند علاقة مجتمع بأقليّة، أو عند علاقة رجل بامرأة.

‎ وقد وضعت هذه المقاربات غايتها في الكشف عن القواعد التي يقوم عليها الخطاب في مستواه البنائي الشكلي وفي مستواه الدلالي، بحسب مقدّمة الكتاب، ومن ثم الوقوف على"منطق" ما يحكم مسار الخطاب وهو يؤسّس أنساقه الثقافيّة، لذا كان مبرّراً لها أن تستفيد من المنهجين: "السيميائيّ" و"الثقافيّ"، لأنها تدرك أنّ الثاني ينهض على"السيميائيّ"، وأنّ القراءة السيميائيّة تفضي إلى استكناه الأنساق الثقافيّة المتوارية.

المساهمون