"الشباب السلفي في تونس": هوية تستعيد الهامش

"الشباب السلفي في تونس": هوية تستعيد الهامش

24 يونيو 2019
علي عمر الرميص/ ليبيا
+ الخط -

تتعدّد الدراسات حول السلفية عبر استعادة المفهوم وتطوّره في التراث الإسلامي ضمن تعريفاته المختلفة، وكذلك في فهم مقاربات السلفيين تجاه الدولة الحديثة والعقد الاجتماعي بين الشرع والقانون، وواقع الحركات السلفية واتجاهات التنظير فيها ومستقبلها.

صدر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" حديثاً كتاب "الشباب السلفي في تونس: دراسة سوسيولوجية بمدينة سيدي علي بن عون" للباحث التونسي ماجد قروي، الذي يتناول العلاقة بين الشباب التونسي والحركة السلفية، بوصفها تجربة اجتماعية ذات دلالات ومقاصد، ساعياً من خلالها إلى بناء مسار حياته؛ ليس لأن هذه العلاقة ضربٌ من ضروب الخلل الوظيفي، بل لأنها تجربة واصلة بأسباب الإبداع والمناورة.

كما يهدف قروي إلى كشف المستور في هذه العلاقة، والوقوف على الإستراتيجيات التي تعتمدها الحركة السلفية في استقطاب الشباب، مسلطًا الضوء على مقومات هوية الشباب السلفي الثقافية، ودوافع الشباب إلى الانخراط في الحركات السلفية.

في الفصل الأول "التأسيسات النظرية والمنهجية"، يبيّن المؤلّف إشكالية بحثه وفرضياته، مقدماً خلفية نظرية (براديغم) لبحثه، ومورداً مفاهيمه؛ كمفهوم الشباب، وتعريف السلفية، والحركة الاجتماعية، إضافةً إلى مفهوم الهوية الثقافية، ومفهوم الإستراتيجية، ومفهوم الفعل الاجتماعي. ثم يقدم قراءة نقدية متعلقة بأهم الدراسات السابقة، ليعرض منهجية البحث وتقنياته؛ كالملاحظة بالمشاركة، والمقابلة نصف الموجَّهة، واستمارة الاستبيان، وتقنية تحليل المضمون، وعيّنة البحث ومجاله.

يبحث الفصل الثاني "العمل الميداني" المقومات الهوياتية للشباب السلفي، عارضاً الأسس التي تُبنَى عليها الهوية الثقافية للشباب السلفي، وهي: التمايز ووضع حدود مع باقي الشرائح الاجتماعية، والعلاقة الصراعية بمؤسسات الدولة، والـ "نحن" والـ "هم" في فكر الشباب السلفي، والولاء المطلق للقيادة والجماعة المرجعية، والتداخل بين ثالوث الماضي والحاضر والمستقبل، والطقوس السلفية الأخرى من خلال الزواج والطب البديل، والهويتان الذاتية والجماعتية، وتجربة التسلّف باعتبارها طقسَ عبور.

ثم يتناول النسق التاريخي لتشكُّل الحركات السلفية في المجتمع التونسي، من خلال الارتباط بتجارب التنمية التونسية، باحثاً في الانتقال من الدولنة إلى الخصخصة؛ بناءً على دراسة تواتر الإصلاحات وتفشي التوترات، ومرحلة ما بعد الحراك الاجتماعي التي شهدت عودة الهامشي، واستثمار ضعف التنشئة الدينية لدى الفئات المقموعة.

في خاتمة الكتاب يتوصل قروي إلى أن الإقصاء الاجتماعي والأوضاع الاجتماعية المأزومة التي يعيشها الشاب التونسي تجعله يبحث عن بديل يوفر له ما عجزت عنه الدولة من رأسمال رمزي يُعلي مكانته في الهرم الاجتماعي، فـ"لم يكن له من خيار سوى الالتحاق بالحركة السلفية بصفتها شبكة تضامن بديلة يستعيد من خلالها الكرامة المفقودة التي تسبّبت بها البطالة وأزمة المستقبل ومشاعر القلق والتوتر التي يعيشها والحرمان من عالم الاستهلاك".

المساهمون