أزهار الحسناوي.. في تاريخ الحيرة قبل الإسلام

يُحسب لمملكة الحيرة التي ازدهرت خلال القرن الثاني الميلادي، تثبيتها اللغة العربية القريبة من لغة اليوم مع بسط نفوذها على مساحات من العراق والشام وشمالي شرق الجزيرة العربية، حيث ذابت لهجات عديدة ضمن لغة تحدّثت بها معظم القبائل العربية في الشمال آنذاك.

رغم أن المملكة التي أسّسها المناذرة ضمن تحالف سياسي يضع الأفضلية للفرس عليهم، إلا أنهم استطاعوا التمتع باستقلالية نسبية والدفاع عن مصالح العرب الذي انضووا تحت رايتها، إضافة إلى أن شكّلت مركزاً ثقافياص يتوافد عليه الشعراء والعلماء كما تثبت النقوش التاريخية.

ضمن سلسلة الموسوعة الثقافية التي تصدرها وزارة الثقافة العراقية صدر كتاب "الدور الحضاري لمدينة الحيرة قبل الاسلام: دراسة تاريخية" للباحثة أزهار الحسناوي، التي تعود إلى بدايات تشكّلها في منطقة السهل الرسوبي لبلاد ما بين النهرين عند الأطراف الشمالية الغربية لبادية السماوة، على مقربة من مدينتي النجف الكوفة اليوم، في منطقة سهلة منبسطة على حافة البادية، وبين نهر الفرات وبحيرة النجف.

وتلفت إلى هجرة القبائل من عدّة مناطق مجاورة عند تأسيس المملكة، التي كان أغلب سكانها من العرب، من النبط وبقايا الكلدانيين والسريان، وكانوا يمتهنون الزراعة وتربية الحيوانات، ويدينون بالمسيحية النسطورية، وقد تأخرت التنقيبات الأثرية في مواقعها حتى ثلاثينيات القرن الماضي.

يتطرق الكتاب إلى عدّة مراحل مرّت على الحيرة وصولاً إلى النعمان بن المنذر (580-602م) آخر ملوك آل لخم في الحيرة، وامتاز عهده بالسلام مع الغساسنة بعد حروب طاحنة، وأنشأ علاقات وثيقة مع قبائل شبه الجزيرة العربية، حيث عُرف بلقاءاته المستمرة مع قادة العرب من الحكماء والشعراء والخطباء ورؤساء القبائل.

تضمّن الكتاب دراسة تاريخية في فصلين، احتوى الفصل الأول تأسيس مدينة الحيرة وأهم المكوّنات السكانية لها، فضلاً عن البيانات التي انتشرت فيها ومن ثم أهوائها وعلاقاتها السياسية.

أما الفصل الثاني فقد أوضح الجوانب الحضارية للحيرة من حياة اقتصادية بما فيها من زراعة وصناعة وتجارة، كما تطرّق البحث إلى الحركة الفكرية وكيف ازدهر فيها إنشاء المدارس، وتطوّر الخط الحيري والحياة الأدبية فيها من شعر وأمثال وموسيقى وغناء، وكذلك الحركة العمرانية في المدينة وأهم القصور التي بنيت فيها كما تضمن البحث خارطة تبين موقع الحيرة وما جاورها من المدن.