عبد الحليم إبراهيم عبد الحليم.. عمارة لترميم شروخ الحداثة

عبد الحليم إبراهيم عبد الحليم.. عمارة لترميم شروخ الحداثة

07 أكتوبر 2019
عبد الحليم إبراهيم عبد الحليم
+ الخط -

بعد أن كتب عن حسن فتحي، ووضع العديد من الأبحاث عن العمارة الإسلامية؛ يُصدر الأكاديمي الأميركي جيمس ستيل كتاباً جديداً يتناول فيه تجربة المعماري المصري عبد الحليم إبراهيم عبد الحليم، الذي قدّم أعماله خلال فترة كانت فيها مصر تحاول أن تبني هوية وشرعية ثقافية جديدة تنتمي إلى النظام العالمي لما بعد الحرب العالمية الثانية من دون أن تذوب فيه.

يُنتظر أن يصدر الكتاب الذي يحمل عنوان "عبد الحليم إبراهيم عبد الحليم: عمارة الذاكرة الجمعية"، عن منشورات الجامعة الأميركية في القاهرة، والتي يحاضر فيها ستيل، ونجد فيه عدة فصول يكرس كل منها لجانب من تجربة المعماري المولود في قرية سورناجا الصغيرة جنوب مصر عام 1941، ودرس العمارة في القاهرة ثم تابع دراسته في الولايات المتحدة، وهو مصمم لأكثر من مائة مشروع ثقافي ومؤسسي، فضلاً عن الأبنية التي أعاد تأهيلها. ومن أبرز أعماله "الحديقة الثقافية للأطفال" وحرم الجامعة الأميركية في القاهرة، والسفارة المصرية في عمان، ومسجد عثمان بن عفان في قطر.

يُعتَبر الكتاب أول دراسة شاملة عن المعماري عبد الحليم ومهنته ومكتبه الذي أسسه في القاهرة عام 1978، ويستوحي المؤلف عنوانه من إيمان عبد الحليم بالطقوس كقوة تتحكم وتقف خلف السلوكيات البشرية المختلفة، وتحدد بالضرورة علاقة الإنسان بالمساحات المحيطة به إلى حد كبير.

وبعد مقدمة بعنوان "اكتشاف الطقوس"، يكرّس ستيل اثني عشر فصلاً لسيرة وتجربة وفكر وأسلوب عبد الحليم، في كل فصل منها جانب من هذا الفكر، حيث تتناول بالتسلسل: التجديد، والملكية، والتبجيل، والنظام، ونقل المعرفة، والتقدم، والمؤسسات الإنسانية، والهندسة، والضوء، والشعور بالمكان، والمادية، وأخيراً اللون.

منذ بداياته، قام فكر عبد الحليم المعماري على البحث عن وسيلة لمواجهة الصراع بين الموروث والمستورد، إذ اعتبر الأخير شرطاً للتحديث، وأخذ موقفاً هو والمعماري جمال بكري يحاول التخلص من أي تحيزات عاطفية أو غير واقعية، ورفع مستوى مناقشة هذا الصراع، وأوجد تسويات لمواجهته.

مثل كثيرين من أبناء جيله، أدرك عبد الحليم أن هناك مشكلة معرفية وعملية عميقة، إذ ليس هناك اتساق بين ما يعرفونه عن العمل المعماري وما يفعلونه نتيجة لما يُطلَق عليه الحداثة المعمارية، وواجه هذه المشكلة أول مرة عام 1967، إذ اعتبر أن الهزيمة هي انهيار بنيان وصعود بناء آخر في حدث مهول ومؤلم لا يمكن لوجدان المعماري أن يغفله. كانت لحظة الشرخ مع الحداثة هي لحظة النكسة، كان وقتها يقوم بتصميم "مبنى اتحاد عمال النسيج في مصر" وكل ما كان في باله أنه سوف يحتذي خطوات لو كوربوزييه، ولكنه في تلك اللحظة أدرك أن نموذج المعماري السويسري يقوم على اختزال الوجود الإنساني عامة في صيغة مقيسة ومجردة، واختزل عمال نسيج مصر في هذه الصيغة، ومن هنا بدأ موقفه من الحداثة بالعموم، وفي العمارة بشكل محدد، يتخذ النقد الذي تزامن مع الثورة عليها.

هذا الموقف جعل عبد الحليم يعود إلى الطقوس في البناء والعمارة، ودرس حتى الأهازيج التي ترافق البناء عند المعماري التقليدي، وقد انعكست هذه المواقف الجذرية من الحداثة على فلسفته المعمارية.

وضع ستيل العديد من الكتب من بينها: "مجموعة حسن فتحي: مجموعة من الوثائق المرئية" (1989) و"الهندسة المعمارية للناس: الأعمال الكاملة لحسن فتحي" (1997)، كما حرّر كتابَي "الهندسة المعمارية لعالم متغير" (1992)، و"الهندسة المعمارية للمجتمعات الإسلامية اليوم" (1994)، ونشر أيضاً كتاباً بعنوان "هندسة المسجد المعاصر" مع إسماعيل سراج الدين (1995).

دلالات

المساهمون