"الخطاب والمعرفة": عن أدب الرحلة وتفريعاته

"الخطاب والمعرفة": عن أدب الرحلة وتفريعاته

18 مارس 2018
من مجموعة "رحلة مصر" للرسام الإيطالي لويجي ماير
+ الخط -

في مقابل الجماهيرية التي يحظى بها أدب الرحلة، قديمه وجديده، في ثقافتنا العربية يمكن تحسّس شيء من الفتور النقدي والدراسي حوله تجتهد بعض المحاولات هنا وهناك لإعطائه حقه. مؤخراً، قدّم الباحث المغربي إبراهيم الحجري (1972) مساهمة في هذا الإطار، من خلال إصداره كتاب "الخطاب والمعرفة.. الرحلة من منظور السرديات الأنثروبولوجية" ("المركز الثقافي العربي"، 2018).

يقوم الكتاب كما يوضّح مؤلفه، في حديث إلى "العربي الجديد"، على "الانطلاق من السرديات نحو الأنثروبولوجيا في سعي لإرساء أسُس لمقاربة تجمع بين المجالين بتوضيح الترابط بين الإثنوغرافيا والسرديات من جهة؛ والتعالق بين مختلف المناهج العلمية التي تقدّمها العلوم الإنسانية".

يضيف الحجري قائلاً: "من جهة أخرى، يعمل الكتاب على الدفاع عن فكرة كون السرديات مجالا معرفيا يتطوّر داخلياً من خلال انفتاحه على المناهج والمقاربات المتاحة في باقي مجالات العلوم الإنسانية؛ ومفاهيمها المتجدّدة".

وحول ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﻧﻘﺪيا ﻭﺑﺤﺜﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، يقول: "لقد راكم العرب في العصور الوسيطة، وحتى في العصر الحديث زخماً من النصوص الرحلية. وعمل المحققون على تخريجها في حلل بديعة؛ وتم نشرها على نطاق واسع، غير أن الاهتمام بها على وفرته في كل الجامعات العربية؛ يظل محدوداً ولا يرقى إلى مستوى ما تحقق من إبداع في هذا النوع السردي التراثي الذي انشغل به العرب وأبدعوا فيه، وقدموا من خلاله روائع خالدة للإنسانية؛ مستفيدين من هيمنتهم على العالم المعروف آنذاك؛ وسيطرتهم على البحار والطرق التجارية، وقوتهم الاقتصادية والعسكرية والمعرفية".

يتابع: "أعتقد أن الباحثين العرب مطالبون أكثر مما مضى، بالانكباب على هاته النصوص دراسة وتحليلاً وتحقيقاً؛ مستفيدين مما حققته النظرية السردية من غنى مفهوميّ وتطوّر إجرائي، ومن قدرتها على الانفتاح على أنواع النصوص والأنماط السردية العربية والعالمية في شتى مظاهرها وتجلياتها، لكن هذا لا ينفي وجود أسماء بارزة عملت طوال عقود من الزمن على خدمة هذا النوع السردي أمثال: شعيب حليفي، والمرحوم عبد الرحيم مؤذن؛ وسعيد يقطين وغيرهم كثير".

تغذية دراسة أدب الرحلة بنتائج مجالات معرفية أخرى قد يكون فاتحة لأكثر من اكتشاف، بداية من مكنونات هذه النصوص، وصولا إلى إمكانيات النظر إليها من أكثر من زاوية، وبالتالي الاستفادة منها بأكثر من طريقة؛ جمالياً وأيضاً على مستويات الفكر والشهادة التاريخية.

دلالات

المساهمون