"الجهاد في الغرب": كيف يُبنى المخيال المقاتل؟

"الجهاد في الغرب": كيف يُبنى المخيال المقاتل؟

14 ابريل 2017
مقطع من عمل لـ أنس الرداوي/ سورية
+ الخط -
تتفاوت الدراسات التي تبحث في نشوء الظاهرة الجهادية في البلدان الغربية وتمدّدها في إيلائها النص الديني أو الواقع الذي يعيشه المسلمون هناك أولوية في البحث، إلى جانب التركيز على الأحداث المتلاحقة في الشرق وتأثيرها على تطوّر اتجاهات الجماعات المتطرّفة وسلوكياتها والتي تختلف المقاربات حولها أيضاً.

في عام 2011، وضع فرايزر إيغرتون كتابه "الجهاد في الغرب: صعود السلفية المقاتلة" في سعي لوضع إطار زمني للعوامل التي ساهمت في ظهور التيارات المتطرّفة لدى المهاجرين الآتين من بلدان إسلامية، وكيفية بناء "المخيال السياسي"، كما يسميه، والذي يتيح للأفراد بتصوّر أنفسهم جزءًاً لا يتجزأ من معركة عالمية بين قوى الإسلام والغرب.

يوضّح الباحث في مؤلّفه الذي نقله إلى العربية المترجم اللبناني فادي الملحم، وصدر مؤخّراً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، كيف أدّى انتشار وسائل الإعلام الحديثة وشيوع التنقّل والهجرات إلى إحداث تحوّل في معتقدات المسلمين الغربيين نحو تبنّيهم أيديولوجية سلفية مقاتلة.

يتضمّن الكتاب ستّة فصول؛ الأول بعنوان "مُلّا مجنون أم مقاتل من أجل الحرية؟" ويعرض ماهية السلفية المقاتلة، ويفصّل هوية التشدّد، وأدبياتها، على ضوء المواقف التي تستند إلى التفسير الديني في تسويغ مفهوم "الجهاد العنيف".

في الفصل الثاني، يناقش ظاهرة الاغتراب لفهم التشدّد، وعلى الرغم من هيمنة هذه المقاربة إلا أن هناك تساؤلات موضوعية تتناول الشرعية والشعبية التي تحظى بها؛ إذ يقول: "إذا كان مفهوم الاغتراب يسمح بإدخال تفسيرات عدّة، فلن تنحصر المشكلة في عدد قليل من المناضلين المقاتلين الذين يعانون الاغتراب، بل ستتطوّر ليؤثّر الاغتراب في عدد أكبر من الناس الذين ينحازون إلى الكفاحية القتالية. وبحسب هذا الاختلاط التعريفي أو التوسّع في التعريف، يمكننا اعتبار عدد هائل من الناس من بين المصابين بالاغتراب. ويزداد هذا الأمر تعقيداً عندما تصبح منابع الاغتراب وأسبابه مبهمة".

يقارب الفصل الثالث عوامل بناء المخيال السلفي المقاتل، والذي يشتدّ حين يتخيّل المجاهد نفسه مدافعاً عن المسلمين في أنحاء العالم، وكيف يتكوّن ويصير فاعلاً عندما تجتمع حوادث عالمية منوّعة، وتتداخل مع حوادث محلية.

يبيّن المؤلّف في الفصل الرابع دور وسائط المعلومات الشاملة في تمكين المهاجرين من الجيل الثاني والجدد من الحصول على معلومات عن الحوادث الجارية في العالم المسلم وتحليلات لها، وكيف "سهّل هذا الأمر عملية تخيّل أمة هي عبارة عن كيان اكتسب الحياة عبر نقل الحوادث من مناطق مختلفة في العالم إلى غرف المعيشة".

يسلّط الفصل الخامس على حركة الانتقال الواسعة في حياة السلفيين المقاتلين في الغرب، والنتائج التي تترتّب عليها في إعادة تصوّرهم لمجتمع عالمي يشكّلون جزءاً منه، معتمداً على إحصائيات ونسب تقيس مدى حرية تنقلّهم من وإلى الأمكنة التي يعيشونها.

وفي الفصل السادس، يشرح دور السرديات الأوسع والوسطاء في تقديم تفسير لأسباب امتلاك القوى الكونية تأثيراً تغييرياً في قسم صغير جداً من المجتمع، كما هو الشأن بالنسبة إلى السلفية المقاتلة. ويلفت إلى أن "معظم المسلمين يعتقد أنّ الغرب يعتمد النفاق في شؤون السياسة الخارجية، والعدوانية غير المبرّرة نحو البلدان التي تضم أغلبية مسلمة".

المساهمون