"خزائن المرئي".. مأزق التشكيلي العربي

"خزائن المرئي".. مأزق التشكيلي العربي

03 أكتوبر 2017
كمال بُلّاطه/ فلسطين
+ الخط -

"خزائن المرئي" عنوان الكتاب الأول للناقد والتشكيلي الأردني غسان مفاضلة، بعد ثلاثة عقود من الكتابة الصحافية في حقل الفنون، والذي يسعى من خلاله البحث في إشكاليات اقترنت ببدايات الفن التشكيلي في العالم العربي ومساراته وتحوّلاته، وما صاحبها من ظواهر ومتغيرات سادت وتجذّرت منذ بدايات القرن العشرين، وهي المرحلة التي اتسمت بالاضطراب والتوتر وفقدان المعالم، وما تزال إفرازاتها ماثلة حتى الآن.

يشير أستاذ التشكيل والدراسات الجمالية مازن عصفور في تقديم المؤّلف، الصادر حديثاً عن "دار البيروني" في عمّان، إلى أنه "يمثّل اقتراباً يقظاً من العلاقات الإشكالية بين الفن والنقد والعالم، وهو يمثّل أيضاً محاولة في طرح التحليل الظواهري المتوازي بين التجربة والرؤية، وبين ما هو مفتوح وما هو مغلق بامتياز".

يتقصّى مفاضلة، بحسب التقديم، الأسباب التي يُرجع إليها ما يسميه بـ"مأزق فاعلية الإبداع العربي" وما يرتبط بذلك المأزق من قضايا تتداول بإستمرار في ساحة النقد الفني العربي، مثل الانفتاح والانغلاق على اللوحة بصفتها نصاً بصرياً، ووقوفه إزاء ظاهرة "الأمية البصرية" التي ما تزال تشكل عائقاً أمام القراءة المثلى للعمل الفني.

كما يتناول الكتاب تجارب عشرة تشكيليين عرب معاصرين، من بينهم: فاتح المدرس (1922 – 1999)، وشاكر حسن آل سعيد (1925 – 2004)، وأحمد نعواش (1934 – 2017)، وكمال بُلّاطه (1942)، وحسين ماضي (1938).

يخصّص المؤلّف أحد أبواب الكتاب لـ"الكشف عن المعطيات الحداثيّة في أقدم أعمال نحتية عرفتها البشرية قبل نحو 10 آلاف عام؛ إنها تماثيل عين غزال الشهيرة التي اكتشفت بالقرب من مدينة عمّان قبل نحو أربعة عقود"، بحسب عصفور.

في حديثه لـ"العربي الجديد"، يلفت مفاضلة إلى أن "المخرجات الراهنة للمشهد التشكيلي في حاضنته العربية، خاصة المخرجات الراشحة، بمفاهيمها وتقنياتها، من الأشكال التعبيرية الجديدة في بيئتها الغربية، والتي حاول الفنان العربي من خلالها، أن يجد له موطئ قدم على خريطة التشكيل العالمي؛ عجزت عن ترك بصمات إبداعية يمكن أن يشار إلى حضورها بوضوح على تلك الخريطة. اختلاط المعايير الفنية، والتباس قيمها الجمالية، صبغ تلك المخرجات في العقود الثلاث الأخيرة، بصبغةٍ استعراضية الطابع، استهلاكية التوجه والتعبير".

ويؤكّد أنها "مخرجات هجينيّة، لأنها لم تنطلق أساساً من تفاصيل الذات في الذاكرة الثقافيّة، ولم تنهل من بِنْيات الخزان الرمزي والجمالي للحضارة العربية والإسلامية، وفي أحسن أحوالها، عملت على تقديم توليفات بين المنجز الغربي بمدارسه واتجاهاته الحديثة، وبين المعطيات البصرية الناجزة التي توفرت عليها الحضارة العربيّة والإسلامية".

يختم مفاضلة بالإشارة إلى أن "الحراك التشكيلي في مشهده العربي، بما حاول إرساءه أو تأسيسه، وحتى تقليده للموجات المتلاحقة في الفنون المعاصرة، لم يستطع أن يجعل من طموحه- كصيغة تشكيليّة متبلورة- تحقّقاً يكتسب شرعيّته؛ خلق فضاءً من التشكيك، غنيّاً بالاحتمالات، وقابلاً للعديد من التأويلات"، موضحاً أن "محاولات التأصيل والتحديث والتجريب، على سبيل المثال، والتي شهدتها الساحة التشكيليّة في بيئتها العربية، منذ خمسينيات القرن الماضي، لم تسعفها في تحقيق صيغةٍ متبلورةٍ تُشير إلى خصوصيّة فضائها البيئي، ولم تغادر في مساعيها إلى ذلك، حدود المراوحة في مناطق اجترار تجارب الآخر، وإعادة تشكيلها وقولبتها ضمن صياغات توليفية، تستند على مفاهيم وتقنيات مقتبسة".

المساهمون