"البحث الاجتماعي": معرفة العالم منذ طفولتنا

"البحث الاجتماعي": معرفة العالم منذ طفولتنا

03 أكتوبر 2017
أوك مولدر/ هولندا
+ الخط -

لا تزال المرجعيات النظرية في أسس ومناهج البحوث الاجتماعية قليلة في المكتبة العربية، خاصة تلك تركّز على أساليبه وطرائقه المختلفة، أو على تحليل الخطاب وتأويله ضمن تطبيقاته العملية، بطريقة نقدية تقدّم أحدث أدبيات البحث للطلبة في الجامعات العربية.

في هذا السياق، صدر مؤخّراً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" كتاب "طرائق البحث الاجتماعي الكمية" للأكاديمي والباحث الفلسطيني باسم سرحان، والذي يمثّل حصيلة مراجعة شاملة لمناهج البحث السوسيولوجي وطرائقه التي تدرّس حالياً في أعرق الجامعات الغربية، بحسب بيان المركز، الذي يشير إلى أن المؤلّف ينظر إلى البحث الاجتماعي بوصفه عملية فكرية علمية وفنية متكاملة، تنطلق من المدارس الفلسفية المختلفة التي تحدد نظرتنا إلى العالم الاجتماعي وإلى الظواهر الاجتماعية، والتي بدورها تحدد طبيعة مقاربتنا دراسة هذا العالم والأدوات التي تستخدمها في دراسة تفاعلاته وعلاقاته الداخلية والتغييرات التي تطرأ عليها.

يضمّ الكتاب قسمين يحتويان ثلاثة عشر فصلاً؛ الأول "الخلفية الفكرية الفلسفية"، وهو يتناول المناهج الفلسفية والمدارس النظرية التي تحدد المسلمات والافتراضات التي ينطلق منها البحث العلمي، والثاني "الجوانب الفنية لعملية البحث الاجتماعي" يقارب الطرائق والوسائل والأدوات التي نجمع بواسطتها بياناتنا ونحللها ونستخلص نتائجها ونتوصل إلى تعميمات علمية إمبريقية عن الظواهر المدروسة.

في الفصل الأول، "مصادر المعرفة عند البشر"، يتناول سرحان هذه المصادر، وهي التقاليد، لأنّها تنقل إلينا حكمة الأجيال السابقة، والسلطة المرجعية التي نستقي منها معلوماتنا عن العالم منذ طفولتنا، ويعرّف في الفصل الثاني البحث الاجتماعي بأنه "عملية تسعى إلى إنتاج المعرفة عن العالم الاجتماعي والإجابة عن أسئلة حوله باستخدام مجموعةً من الأساليب والأدوات".

يتناول الفصل الثالث، "المنظورات الفلسفية (المدارس النظرية) ومنهجية البحث الاجتماعي"، مناهج البحث الاجتماعي المختلفة: المنهج الوضعي ومنهج الفهم التأويلي والمنهج النقدي، وذلك من زوايا عدة، مثل الواقع الاجتماعي وطبيعة البشر وطبيعة العلم والغرض من البحث ونقده، ويتطرّق في الفصل الرابع "أخلاقيات البحث الاجتماعي" إلى المعايير الأخلاقية للبحث الاجتماعي وبياناته، وعلاقة الباحث بالمستجيبين، من حيث الأذى المحتمل، والموافقة الواعية والطوعية على نتائج البحث، والخداع الممكن، وأهمية احترام الخصوصية.

يعالج المؤلّف في الفصل الخامس "خطوات البحث الاجتماعي" مسائل تقنية مثل اختيار موضوع البحث، ومصادر موضوعات البحث، والعوامل المؤثرة في اختيار الموضوع، وصوغ مشكلة البحث وفرضياته من أجل تحديد مصادرها ومعاييرها وأنواع الفرضيات. وفي الفصل السادس تصميم البحث الاجتماعي"، يبحث سرحان في تصميم الدراسات الاستطلاعية أو التكوينية والوصفية، وفي خلفية العلاقات السببية بين المتغيرات الوسيطة والسابقة، وفي الشروط السببية والتصميم التجريبي.

يعرض الفصل السابع، "وسائل جمع البيانات" لتلك الوسائل من المقابلات على أنواعها، والملاحظة، والتثليث وهو أسلوب مركّب لجمع البيانات، ويعاين في الفصل الثامن "منهج المسح الاجتماعي" معالجة البيانات المفقودة أو الناقصة، وتحليل البيانات المنشورة، ويوضّح الفصل التاسع "العيّنة: أنواعها وأساليب اختيارها" المعاينة ومبادئها وأسباب اللجوء إليها وأنواع العينات الاحتمالية.

في الفصل العاشر، "القياس والمقاييس"، يعرّف المؤلف القياس وأنواع المتغيرات ومستوياته، وينتقل في الفصل الحادي عشر "عرض البيانات" إلى طرائق عرض البيانات الكمية وأساليب تبويبها وعرضها، أما في الفصل الثاني عشر "التحليل الإحصائي للبيانات"، فيبحث في مقاييس النزعة المركزية.

يختم سرحان بالفصل الثالث عشر "كتابة تقرير البحث" بالقول إن البحث العلمي نشاط اجتماعي، والتواصل مع الباحثين أمر أساس لتشاطر المعرفة في كل ميدان علمي، "ويعتمد هذا التواصل على الكتابة أكثر من اعتماده على التواصل الشفوي؛ إذ تشكل التقارير البحثية والمقالات العلمية والكتب المنشورة وسيلة التواصل بين الباحثين في كل ميدان أو تخصص".

المساهمون