ستيفن بيرت: لِمَ نقرأ ستين قصيدة أميركية معاصرة؟

ستيفن بيرت: لِمَ نقرأ ستين قصيدة أميركية معاصرة؟

06 سبتمبر 2016
(تجهيز لـ فرانك ستيلا، من سلسلة "طوافة ميدوزا"، 1990)
+ الخط -

"القصيدة هي أنت" مختارات وضعها الناقد والشاعر الأميركي ستيفن بيرت، وصدرت عن منشورات "هارفارد" مطلع الشهر الجاري، حاملة عنواناً فرعياً طموحاً "ستون قصيدة أميركية معاصرة وكيف تقرأها"، وقد حدّد المؤلف خياراته من قصائد كتبت بين عامي 1981 و2015.

كأن صاحب "لعب مواز"، قرر بذلك أن 1981 يصلح كبداية جديدة للشعر في أميركا، لكن هذا لا يمنع أنه استخدم وسائل أخرى لتحديد خياراته، من بينها البحث عمّا يعزّز ابتكاره النقدي لمصطلح "الشعر البيضاوي"، في مقالة لفتت الأنظار إليه عام 1998 وكانت أشبه بحجر ألقي في ماء راكد فاتسعت دوائره، وضمّت إليها شعراء ونقّادا يشتغلون على الشعراء الما بعد طلائعيين، من زاوية جديدة.

الأمر لم يسلم أيضاً من انتقادات، إذ اعتبر بعضهم المصطلح هائماً وانطباعياً لا يمكن ضبطه؛ فبالنسبة لبيرت، الشعر البيضاوي هو شعر يستخدم صوراً وأدوات كلامية مختلفة تقوّض تماسك النص والذوات التي تظهر فيه وتتكلم من خلاله، وهي على الأقل ذات القصيدة وذات الشاعر.

محاولات بيرت التي تصبّ في تجديد قراءة الشعر جاءت كرد فعل على طرق النقّاد المكرسين، إذ يعتبر إن من واجبهم -حين يفكرون في تصنيفات الشعر - ألا يجعلوها مبنيّة على العرق أو الجندر أو اللون أو الجنس، وأن يجدوا مداخل أخرى لفهم قوّة الشعر وأثره.

يبدو هذا منسجماً تماماً مع شخصية بيرت كناقد وأكاديمي، وهو الأستاذ في جامعة هارفارد، فإذا بحثت عنه في العالم الافتراضي ستجده متحمّساً يلقي محاضرات من نوع "لماذا يحتاج الناس إلى الشعر؟".

هذه المختارات تتوافق أيضاً مع هذا الحماس، إذ تخفّف الناقد من اعتبارات الجيل الشعري أو المكانة الشعرية، أو الخيارات التي نبذها كالعرق مثلاً، فجمع بين أسماء مكرّسة مثل جون أشبري (1927)، حيث قدّم قراءة في "مفارقات وتناقضات ظاهرية" التي كتبها عام 1981.

ومن أعمال أدريان ريتش (1929-2012) اختار "أطلس للعالم الصعب" التي كتبتها عام 1991. وقصيدة لوسيل كليفتون (1936-2010) المعنونة "حلمي عن الثانية القادمة"، و"لاميوم" لـ لويز غلوك (1943)، سنجد أيضاً شعراء من جيل آخر مثل لوسيا بيريلو (1958) أو كلوديا رينكين (1963).

في المقابل، فإن قراءات بيرت التي تخلّت عن تلك العناصر، لم تتعمّق في العناصر التقليدية الأخرى مثل السياق الشعري للكاتب أو سيرة الشاعر أو التقاليد الشعرية أو حتى الثورة عليها، أو التأثيرات المتوقعة والمدارس النقدية المألوفة. بل تتوكأ قراءته أكثر على عناصر الشكل والتقطيع الشعري والصور.

يمكن اعتبار هذه المختارات بمثابة دليل لقراءة التنوّعات الأساسية في القصيدة الأميركية اليوم، والتي أرفقها الكاتب بشبه دراسة تناول فيها آليات عمل القصيدة، وكيف يتصادى الشعر مع الثقافة وأنواع الفنون الأخرى.

هذا الكتاب، ليس الأول من نوعه لـ بيرت، إذ صدر له عام 2007، "أشكال الصبا: شعر القرن العشرين والمراهقة"، والذي ناقش فيه المراهقة كقوّة في حياة شعراء اختارهم، مثل فيليب لاركن وأودن وآخرين.


المساهمون