طلال أسد في محاججة الوعد العلماني

طلال أسد في محاججة الوعد العلماني

01 اغسطس 2016
(جدارية إل سيد، شرق لندن، تصوير: ميكي دريد)
+ الخط -


برز اهتمام عربي، في السنوات الأخيرة أكثر من ذي قبل، وبشكل أكثر منهجية، بتقديم الكتب الفكرية والسياسية والسوسيولوجية، التي ينتجها مثقفون مسلمون أو مشارقة يكتبون بلغات أخرى. تأتي هذه "النهضة" في ترجمة هذا النوع من الكتب، مع ظهور مشاريع ترجمة كبرى وظهور دور نشر جديدة، لا سيما في بلدان عربية لم تكن صناعة نشر قوية في الماضي كمنطقة الخليج، كل هذا بالتزامن مع صعود تيارات الإسلاموفوبيا والتأويلات المتطرّفة بحق الفكر الإسلامي، وظهور التيارات المتشدّدة من كل صوب.

من جهة أخرى، فإن قراءة الذات الثقافية ونقدها من أبنائها بلغة أخرى يتيح التخفف من عبء اللغة الأم، أو حملها العاطفي والنفسي والتاريخي والديني والثقافي..إلخ. لكن أغلب الظن أن المتلقي المشرقي سيظل ينظر إلى الكاتب المشرقي أو المسلم من منطلق هذه الهوية، ولن ينظر إليه كمفكر غربي حتى، وإن كان كتابه مترجماً عن الفرنسية، بمعنى أن إسقاطات القارئ ومرجعياته الثقافية وحتى انتقاداته، ستكون من هذا الباب. أسئلة من هذا النوع تفيد في اتخاذ مسارات قراءة وترجمات جديدة، والوعي بأننا ندخل من باب ثالث لا هو بالمشرقي ولا هو بالاستشراقي.

من أبرز الأسماء التي اعتنت بها دور النشر العربية مؤخراً، المحلل السياسي الباكستاني البريطاني، طارق علي، والسوسيولوجي التركي الفرنسي، حميد بوزرسلان، والمفكر الإيراني الأميركي، حميد دباشي، وأيضاً الأنثروبولوجي النمساوي، طلال أسد (1932)، والذي صدر، قبل أيام، كتابه "التفكير في المعتقد الديني والسياسة".

وكما هو معروف فإن أسد من أب نمساوي -اعتنق الإسلام قادماً من اليهودية، وأم سعودية، وقد نقلت الكتاب إلى العربية، الأكاديمية السعودية، فاطمة الشملان، التي برز اسمها مؤخراً بعد ترجمة جيدة لكتابي "ليس للربح: لماذا تحتاج الديموقراطية إلى الإنسانيات"، للفيلسوفة الأميركية، مارثا نوسباوم، و"الخير والشر" لبرتراند راسل.

بترجمة أسد، تنقل الشملان باحثاً معاصراً وأساسياً ومستكشفاً في مصطلح العلمانية ومفهوم ومعنى الدين، وفي كتابه هذا تحديداً يتطرّق إلى العلاقة بين "الوعد العلماني للديمقراطية الليبرالية والشروط لمعتقد شخصي في السمو؟" معتبراً أنه "لا توجد إجابة بسيطة على هذا السؤال بالطبع، لأن الدين الحديث قد عوّق وساعد القيم الليبرالية على السواء، ولأن القيم الليبرالية أكثر تناقضاً وإبهاماً مما يُعترف به أحياناً؟".

يساجل أسد في تعريفه للدين مراجع من مثل "عصر علماني" لتشارلز تايلور و"المشهد الصوتي الأخلاقي" لتشارلز هيرتشكيند و"معنى وغاية الدين" لويلفريد كانتويل سميث.
لكن أحد أهم الأسئلة وأشدها راهنية، التي يمسّها كتاب أسد، هو الكيفية التي يمكن بها "لقوى خارجية أن تجعل الأشخاص يعملون، أو يحجمون عن عمل، أشياء، ويمكن أن يقنعوهم بأن يثقوا بمعلومات متقطعة كحقيقة".


المساهمون