عن موت الكلمات وغياب الأوطان ومصدر الأكاذيب

عن موت الكلمات وغياب الأوطان ومصدر الأكاذيب

28 أكتوبر 2021
+ الخط -

ـ ".. ويكون لك ولدٌ ذكرٌ من صُلبك، تضيع عينه اليمنى جهلاً واليسرى ثقافة، يُهلك أطناناً من التبغ والورق وأبيات الشعر ومكعبات الثلج وآيات التكوين والمبادئ والملوك والخفراء والثرثرة والشعارات والوزراء، يكون رؤوماً قلقاً جامحاً، جامعاً لصفات الكلاب والعصافير والحنظل والحشرات والأنبياء والأبقار، يداهمكم بقصصه القصيرة، حتى يقضي نحبه مجلّلاً بآيات الفخار في العراء على قارعة الوطن"

من كتاب قيام وانهيار آل مستجاب لـ محمد مستجاب

ـ "المنفى أيضاً سجن يخفي عن العدو المدعو زماناً. وها هو يجرب جرجرة الأذيال بعيداً عن الوطن فيكتشف وجود الفرق بين أن يعيش الإنسان وأن يحيا الإنسان، فإنسان المنفي لا يحيا، ولكنه يحيا على أمل أن يحيا، لا يحيا ولكنه يعيش على أمل أن يعود إلى الوطن يوماً كي يحيا. إنه ينتظر أن يأتي اليوم الذي سيمكّنه من أن يحيا. فكل شيء في دنياه مؤجل. كل شيء مدسوس في المستقبل. الزمان بغياب الأوطان ليس زماناً، ولكنه مستقبل. الواقع نفسه يغيب عن الواقع ما لم يهرع لنجدته الوطن بالواقع، والزمان هو الحكيم الذي لا يعترف للكائن بواقعٍ سوى واقع الأوطان."

إبراهيم الكوني من رواية (ناقة الله)

ـ "لعل الحقيقة والتواضع يسيران معاً جنباً إلى جنب، لأن أكثر الأكاذيب مصدرها كبرياؤنا، ففي مهنتي تلقى كبرياء المخبر الصحفي، حيث الرغبة في تلفيق رواية تفضل رواية الآخرين."

جراهام جرين من رواية (الأمريكي الهادئ) ترجمة شوقي جلال ومحمود ماجد

ـ "عمل الانسدادة لا يتلخص في سد طريق تيارات الرغبة فقط، فهي قد تسمح في بعض الأحيان بمرور التيارات لكنها تجعل من التحول الذي تقوده الرغبة تحولا زائفا، وذلك هو الوجه الأكثر إحباطا ومراوغة. كم من أجساد خاطئة فقدتُ نفسي داخلها مؤخرا، فالمدينة أصبحت تعج بالتجمعات والحركات والأفكار والنظريات الكثيرة هذه الأيام، وكلها تشد عصباً فيك، تصله بأطرافها، فيتشكل جسد جديد، ويسري فيه دم غريب، لكنك بعد أن تترك نفسك لها، تجدك تعود حسيراً إلى ذاتك القديمة بعد أن ظننت أنك ستصبح شيئاً آخر، أجساد باردة لا تنبض فيها الرغبة".

هيثم الورداني من مجموعته القصصية (ما لا يمكن إصلاحه)

ـ "غالباً ما نكون مجرمين في عيني الأرض، ليس لأننا ارتكبنا جرائم، وإنما لأننا نعرف أن هناك جرائم ارتكبت".

من رواية (شبح أنيل) لـ مايكل أونداتجي ترجمة أسامة إسبر

ـ "كان هؤلاء جميعهم أشخاصاً عاديين. لم أكن لأجعلهم يعرفون ذلك أبداً، لكن حان الوقت لأعترف بأني كنت أزدريهم. كانوا يفتقدون للدوافع العليا. كانوا المنتجات التافهة لديمقراطيتنا الجماهيرية، دون أن يكون لهم أي إسهام مميز في صنع تاريخ النوع البشري، راضين بأن يكدسوا الأموال أو يغووا النساء، ويمارسون الجنس، ويزدهرون في ذلك كما الأولاد فاسدو الأخلاق لإيروس إله الحب، ذكور لكنهم ليسوا رجال، وأن يعيشا رجالا ونساءً على حد سواء، على الأفكار المبتذلة، الفاقدة للجمال وللفضيلة، بدون أدنى حرية للروح، يتمتعون بامتيازات المال والسلع، ويستفيدون من استغلال الإنسان للطبيعة كما تنبأت حركة التنوير من قبل، ومن منجزات التقنيات الفائقة التي غيّرت وجه العالم المادي، لكن فردياً وشخصياً لسنا مكافئين للمدى الذي تصنعه هذه الإنجازات الجماعية".

من رواية (الفعلي) لـ سول بيلو ترجمة رزان يوسف سلمان

ـ "إن الذي لا يعمل لا يأكل، لكن الذي يعمل لا يعيش."

من رواية (الأشياء: حكاية من الستينيات) لـ جورج بيريك ترجمة محمد فطومي

ـ "مثل الموسيقى المسموعة في الأحلام، مثل أوتار القيثارات المجهولة، لطيور محلقة أبداً، مسموعاً كصوت الجداول التي تهمهم في وهدة وادٍ ما مورق،
أسمع نغمتك الأرقّ ويأتي الصمت مع سحرها كما يأتي الصمت على لساني حين أبوح في أحلامي مرتجفاً بحبي لك وحدك. 
أسمع من كل واد متدفقٍ من شجرة إلى شجرة موسيقى الطائر المتألق، أقل جمالاً من نبرات بسيطة مثل تلك التي لكِ، التي لا يتلاشى صداها أبداً!
آه كم أتوق لصوتك الحلو، لأن اسمي القاسي هذا أيتها الساحرة يصبح لحناً حين تلفظينه بنبراتك اللطيفة".

إدجار آلان بو من الأعمال الشعرية الكاملة ترجمة غادة الحلواني، مراجعة إدوار الخراط.

ـ "الشجاعة لا بد أن تتضمن المعرفة، أي الوعي بالخير والشر، ولا يمكن أن تكون مكتفية بالجَلَد فقط."

من كتاب (عزاءات الفلسفة كيف تساعدنا الفلسفة في الحياة) لـ ألان دي بوتون، ترجمة يزن الحاج

"تكمن سعادتنا العظمى في أن يتم احترامنا، ولكن لا يميل من يحترمنا إلى التعبير عن احترامهم، حتى لو كان مبعث الاحترام جميع الأسباب الممكنة، وبذا فإن أسعد إنسان هو من استطاع احترام نفسه بإخلاص مهما حدث"

آرثر شوبنهاور في مقتطف قرأته له في كتاب (عزاءات الفلسفة).

ـ "إن مأساة البشر تكمن في أنهم غير مؤهلين للبقاء بهدوء في غرفهم."

بليز باسكال في مقتطف قرأته له في كتاب فن التفكير الواضح: 52 خطأ في التفكير يجب عليك تبنيها، تأليف رولف دوبلي، ترجمة نرمين الشرقاوي

ـ "لقد عرفنا منذ أمد طويل أن المصلح البورجوازي الصغير يرى جوانب حسنة وسيئة في كل شيء، إنه يقضم قليلا من كل أنواع الأعشاب، ولكن المجرى الحقيقي للأحداث لا يتأثر بهذا التركيب إلا قليلا، ذلك أن الكومة الصغيرة التي تجمع بحرص من "الجوانب الحسنة" من كل شيء يمكن أن تنهار عند أول نقفة تاريخية."

من كتاب (إصلاح اجتماعي أم ثورة؟) لـ روزا لوكسمبورج

ـ "الكتابة موت الكلمات. كل كلمة نخطها مشروع قتيل ننحره، ونمثِّل بجثته قبل أن نحنطه على الورق! في الشفاهي يعاد إحياء الكلمة، تكتنز بدلالات تضفيها عليها تعبيرات الوجه ونبرة الصوت. هو الصوت تحديدا ما يحيي الكلمات، ما يجعل الكلام حضورا والكتابة غيابا. الكلام حيوي، مندفع وصاخب، والكتابة محاكاة باهتة له. الكلام هو الأصل والكتابة نسخة مزيفة. في زمان قاف الأول عاشت حكايات أهله وأساطيرهم منطوقة في جنة الشفاهي. تتراقص فرحاً، أو تشتعل غضباً، أو تتقافز حماساً على وقع إيقاعات الصوت وموسيقاه. كانت الكلمات حاضرة، حية، مُشعّة. لكن ثمة حوادث مفصلية في تاريخ الجبل أخذت تبهت، استمات حكماؤه من أجل استعادتها كما كانت عبر إعادة حكيها مراراً، فصُدموا باختلافات طفيفة محكومة بتنوع الحكائين. كان كل منهم يسرد نسخته موبوءة بتلاعبات ذاكرته وانتقائيتها، وملوثة بمشاعره وانفعالاته وانحيازاته. خطر لهم أن التدوين قد يكون الضمانة الوحيدة لإعادة إحياء من ماتوا ممثلين في كلماتهم، غير أنه إحياء مقترن بالموت، فمع كل خيانة أو تحريف لما نطقوا به كانوا يموتون مرات ومرات".

منصورة عز الدين من رواية (جبل الزمرّد)

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.