بلد التقدّم و(التكلّط) والشيخ رامي!

وهو كذلك يُسخّم ويذلّ مَن يشاء، ويتركه على الحديدة، هذا إنْ بقيتْ حديدة بعد دمار البيت، والاضطرار إلى الإقامة السياحية تحت الخيمة..

ولو كان ماركس حياً، لأصابته الدهشة والعجب، ليس فقط من الشيخ رامي (قدّس الله سرّه)، بل أيضاً من (حجّيّات) كتبْنَ على باب بيتهنّ الفخم والجميل في إحدى حارات المدينة: (هذا من فضل ربّي)، ولفكّر مليّاً، في ما تقصده أولاء (الحجّيّات) اللواتي يستقبلنَ مرتاديهنّ، في الهزيع الأخير من الليل!

ولسأل نفسه: هل هو من فضل القيمة؟
أم من فضلِ ربّه؟
أم من فضلِ...؟

كثيراً ما كنا نسمع أن بلدنا، هو بلد التحديث والتطوير و(التكلّط)، وأن الاتصالات لدينا، وشبكة الإنترنت تفوق الدول الأخرى تطوراً، وكنا نصدق ذلك، لعدم رؤية ما يجري خارج البلد على مبدأ: (ما شاف شي شاف السيريتل وغشي).

كانت سيريتل بباقاتها وعروضها الخلبية تتفنن في كيفية الحصول على الأرباح، وأسعارها تزيد على أسعار الدول الأخرى، وقطاع الاتصالات كان من الممكن أن يكون بيد الدولة وريعه الكبير يعود إليها، لا إلى جيب شخص، وشركة أنشأت إمبراطورية مالية.

عندما خرجتُ من شرنقة البلد الذي لا حياة فيه إلا للتطور و(التكلّط)، رأيتُ أن كل الدول متطورة، في مجال الاتصالات والإنترنت أكثر منا، حتى إن بعض الدول الفقيرة، كاليمن، متقدمة علينا كثيراً.

كنا نتواصل مع الوطن كتابةً، دون صوت وصورة، وفوجئتُ بأن أشقاءنا اليمنيين يتكلمون ويتواصلون صوتاً وصورة، مع أننا بلد التحديث والتطوير.

واليوم بمناسبة حديث صاحب السيريتل ومالكها الشيخ رامي (قدّس الله سرّه)، وبمناسبة عيد العمال، ما أجمل أن تُحوّل هذه المليارات (المتلتلة) - بحسب لهجة أخوتنا المصريين - على قلب صاحب الشركة، والتي هي بالأساس، من جيوب الشعب المنكوب، منذ أكثرَ من تسع سنوات عجاف، ما أجمل أن تحوّل وتعود، إلى هذا الشعب المسكين الذي تدمّرتْ مدنه وقراه، وأصبحت صفصفاً، وإلى العمال الذين قرّت عيونهم أخيراً برؤية شيخ السيريتل، وهو يجلس مُتربّعاً مثلهم على الأرض!