في الثامن من آذار

واحد من أشهر الكتّاب الذين طالما استمتعت بقراءة كتبهم، لديه أسلوب رائع ومميز يستطيع أن يجذبك كقارئ. وما إن تنتهي من قراءة كتابه الأول، حتى تصبح لديك رغبة وفضول في قراءة كتاب ثانٍ له، ومن ثم ثالث ورابع، وهكذا حتى تصبح تتمنى أن لا يكون للكتاب نهاية وأن يستمر إلى الأبد.

لا أدري ما السبب، ولكنها عادة اكتسبتها منذ القدم، ألا وهي قراءة السيرة الذاتية لكل كاتب أقرأ له، كانت دائماً ما تستهويني معرفة التجارب التي مرّ بها الكاتب في حياته. وهذا ما حدث بعد أن قرأت كتاب "فلسطين، مهد الديانات السماوية" وكتاب "رحلتي وحيداً عبر القرن الواحد والعشرين" للفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي.

روجيه غارودي كاتب وفيلسوف فرنسي. ولد لأم كاثوليكية وأب ملحد، ولكنه اعتنق الإسلام عام 1982. وعندما تبحث عن اسمه على محركات البحث مثل غوغل وغيرها ستجد الكثير من المعلومات المتعلقة بمولده ونشأته وقصة إعلان إسلامه ومؤلفاته وإنجازاته في مراحل حياته المختلفة وحتى لحظة موته.

" تملك السيدة سلمى البيت الأندلسي La Casa Andalusí والذي يستطيع السياح أن يتجولوا فيه ويروا العمارة الإسلامية وشكل البيت الأندلسي القديم "

وهناك موقع واحد فقط يتحدث عن زواجه بفتاة فلسطينية، ولكن ليس هناك أية معلومات أخرى. لا يذكرون اسم الفتاة ومن هي أو من أين جاءت، بل إن معظم الصفحات الإلكترونية تتحدث عن غارودي دون ذكر أنه كان متزوجاً أصلاً.

عندما كنت في إسبانيا العام الماضي زرت مدينة قرطبة، وهي مدينة من أجمل مدن إسبانيا، عاصمة الأمويين في الأندلس ومنارة العلم والثقافة. في قرطبة زرت المسجد الكبير، ومشيت على الجسر الروماني، وشاهدت قلعة قرطبة التي تسمى قلعة كالاهورا.

ذهبت إلى هناك مع صديقة مقيمة في إسبانيا، وأخذت تعرفنا إلى معالم المدينة وتشرح لنا بعض ما تعرفه من تاريخها، وعندما توقفنا عند القلعة قالت لنا إن هذه القلعة تحولت إلى متحف يشرف عليه حالياً ويدير أموره سيدة فلسطينية تدعى سلمى.

بالإضافة إلى ذلك، تملك السيدة سلمى البيت الأندلسي La Casa Andalusí الذي يستطيع السياح أن يتجولوا فيه ويروا العمارة الإسلامية وشكل البيت الأندلسي القديم. كان جميلاً أن أرى وأسمع أنه ما زال هناك بصمة واضحة للفلسطينيين في المحافظة على التراث والحضارة.

ربما تساءلتم الآن: ما علاقة الفيلسوف غارودي بقرطبة وقصة هذه السيدة؟ إذا لم تحزروا، يمكنني إخباركم أنني اليوم، بالصدفة، عرفت أن هذه السيدة، سلمى تاج فاروقي، هي نفسها الفتاة الفلسطينية زوجة الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي، وهي نفسها ذات الفتاة التي لم تذكرها معظم المواقع والكتب، وذكرها البعض الآخر بصيغة المجهول ولم يعرّفوا عن اسمها أو - والأهم - عن إنجازاتها وعلى ماذا تشرف اليوم.

وهكذا تصبح مقالة اليوم العالمي للمرأة جاهزة، وأترك لكم حرية البحث والقراءة لمعرفة المزيد.