حياة مع وقف التنفيذ

حياة مع وقف التنفيذ

22 ابريل 2020
+ الخط -
نعيش منذ وقت أصبح بعيداً نسبياً في حلقة مفرغة. تسبقنا أيامنا، وأحلامنا، وخيباتنا. نعيش من دون أن نشعر بطعم الحياة. نضحك ضحكات مختصرة. يضيع منّا الوقت قبل أن نمسك به، كطائر عرِف طريق الهروب من سجّانه.

تمضي أيّامنا ونحن بعدُ في الماضي. نريد إنجاز أشياء، ثمّ نعجز، فنقوم بتأجيلها. لم يعد هناك ما يستهوينا. أصبحنا نمسك الأمل بأطرافه، ونتمنّى، ربما، في قرارة أنفسنا أن يعجز أمامنا هو أيضاً. لم تعد لدينا رغبة في الحياة. نعيش على هامشها. متى تحوّلنا إلى ما يشبه الرجال الآليّين؟ متى أصبحت مشاعرنا باردةً هكذا؟ متى توقفنا عن الحلم؟ عن العيش؟ عن الأمل؟


اجتاحنا فيروس كورونا، كزلزال مدمرّ، يضرب بلا رحمة، ومن دون سابق إنذار. زَلزلنا كورونا، وأجبرنا على العودة إلى الجذور، إلى ذواتنا، وأفكارنا. أجبرنا على التمهّل، نحن من كنّا نمضي في دروب الحياة بسرعة جنونيّة.

فلتنتظر أيامنا قليلاً. فلنحي مع وقف التنفيذ. لا نملك اليوم ترف العيش، فلنسترح قليلاً. فلنعتبرها استراحة محارب. نحن من نحارب الوقت، ونبقى عاجزين أمامه. نحن من نصارع أنفسنا، وتغلبنا في كلّ مرّة. نحن من نقارع الروتين، ولا نقوى على كسره.

محاربون نحن. نحارب من أجل أحلام لا نعرف إذا كانت ستتحقق. نحارب من أجل أشخاص لا نعلم إذا كانوا سيبقون. نحارب من أجل مشاعر نعلم أنها قد تقتلنا. لا بأس. فالحرب في حضرة الأمل مشروعة، والاستراحة في حضرة الجنون تعقّل..

فلنأخذ وقتاً مستقطعاً. فلنعد إلى أنفسنا قليلاً. فلنراجع زمناً مضى ونحن في محاولة العيش مشغولون. فلنسأل أنفسنا من كنّا، ومن غدَونا، وبينهما، من كان يفترض بنا أن نكون..

دلالات