كنت أرسم اليوم

كنت أرسم اليوم

13 ابريل 2020
+ الخط -
كنت أرسم اليوم، لم أرسم منذ الأمس. لكني في العادة أنقطع لأشهر. تساءلت كثيرا عن فهمي للون، وعن قدرتي على خلطه والحصول على أفضل لوحة ممكنة؛ الوصول إلى الذروة وأتوقف، دون أن أضيف شيئا يفسد كل ما فعلته..

الأمر يشبه التقاط الصورة في اللحظة المناسبة، أو إطفاء الموقد قبل احتراق الطعام وبعد نضوجه، أو الكلمات المناسبة لخاتمة قصة، أو المشهد الأخير في فيلم.

بإمكاني أن أشبه لوحاتي بأطفالي، ولا يمكنني أن أقول نفس الشيء عن قصصي فذاك صعب. لعلي أقول ذلك لأني أنثى، لكن أليست هناك غريزة للأبوة؟ أم أنها تظهر حين يوضع الرجل أمام الوضع الراهن؟

لكل رسام أسلوبه، كما لكل كاتب خاصته. لكن أحيانا يصعب علي تمييز أسلوبي داخل الرسم، أنتظر قليلا، بضعة أشهر، قبل أن أكتشف أسلوبي مجددا. ربما لأني في البداية، لكني أظن أني سأظل في البداية دائما، سواء في الكتابة أو في الرسم.

هناك الكثير لنكتشفه، خصوصا داخل أنفسنا الغامضة. وذاك الكشف ممتع جدا، ولا يمكن التوقف عنه. هو أشبه بالإدمان، بالحب، مرغمون عليه كالحياة. الحياة التي لا تتوقف عن تعليمنا كل ما نعرفه لكننا لا ندركه. فقط نراه على السطح، ونخشى الغطس لنعرف الشكل الحقيقي لنا. لا أستطيع أن أصف كم أنا سعيدة لأني إنسان، فهو كان مشوقاً لتكونه.

النفس تشبه أرضا مسحورة في قصص الأطفال، لكنها قاسية جدا، ومفاجئة جدا، ومراوغة أكثر مما تتصور، تتلوى كثعبان، وسريعة التغير كمزاج مضطرب. بها الكثير من التضاريس الغريبة، ونحن مجبرون على دخولها. لأنه في كل الأحوال، ما بالداخل أفضل بكثير من الخوف والبقاء خارجا جاهلا كل شيء عنك، في حين يمكن لأي أحد غاص داخله أن يغوص فيك ويفهمك، بينما لا تقدر أنت سوى على الافتتان به ولن تفهمه أبدا. لن يكون ذلك عدلا أبدا، ولست أرضى بهذا لنفسي.